للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجوب، فمنهم مَنْ طَرَد فيه الخلاف، وحكم بالإباحة. ومنهم مَنْ قال: لا تأثير ههنا للوجوب المتقدم بل النهي يفيد التحريم، وبه قال الأستاذ، وقال: لا ينتهض الوجوب السابق قرينةً في حمل النهي على رفع الوجوب (١). وادَّعى الوِفَاق في ذلك. وفي "التلخيص" مختصر "التقريب والإرشاد" للقاضي دعوى الوفاق كما ذكر الأستاذ، فإنه قال في أثناء الحِجَاج: "لو صَحَّ ما قلتموه (٢) للزم أن تقولوا: إذا فرط الإيجاب وسبق التحتم ثم تعقبته لفظةٌ تقتضي تحريمًا لو قُدِّرت مطلقة (٣) - أنها لا تُحْمل على التحريم، وقد قلتم جميعًا: إنها محمولةٌ على التحريم (٤). انتهى. ولكن الخلاف ثابت مُصَرَّح به، وقال إمام الحرمين: "أما أنا فساحبٌ ذيلَ الوقف عليه، كما قدمته في صيغة الأمر بعد الحظر" (٥).

وقد فرق القائلون: بأن النهي بعد الوجوب للتحريم، مع قولهم: بأن الأمر بعد الحظر للإباحة - بوجوه:

أحدها: أن النهي لدفع المفاسد المتعلِّقة بالمَنْهي، والأمرَ لتحصيل


(١) يعني: لا يقوى أن يكون الوجوب السابق قرينةً في حمل النهي على رفع الوجوب السابق فقط دون أن يفيد التحريم، بل النهي بعد الوجوب يدل على التحريم.
(٢) من كون الأمر بعد الحظر يفيد الإباحة.
(٣) أي: مِنْ غير سبق الإيجاب والتحتم.
(٤) انظر: التلخيص ١/ ٢٨٨، ٢٨٩.
(٥) انظر: البرهان ١/ ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>