للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحركة هل هي الحصول في حيزٍ مسبوقٌ بالحصول في غيره، أو هي نفس الانتقال من حيز إلى حيز؟

وفيه قولان للمتكلمين (١)، وإن كان كلٌّ منهما (٢) يلزم الآخر، فمتى انتقل من حيز فقد حصل في غيره، ومتى حصل في غيره بعد حصول فيه فقد انتقل، فكل من الحصولين أمر ثبوتي يمكن أن يُعْقَل وحده (٣) حصوله فيه والانتقال أمر نسبي لا يعقل إلا بينهما، فكذلك المنهي عنه (٤) ارتكابه شيء لا يحتاج في تصوره إلى غيره، وفعل ضده (٥) (شيء لا يحتاج في تصوره إلى غيره، والانتهاء شيء ثالث، وهو عندي هو المطلوب) (٦) بالنهي، لا كما قاله الجمهور ولا كما قاله أبو هاشم، وعندي أن الجمهور إنما أرادوا ما قلته، ولكن العبارة عنهم لم تُحَرَّر، فإذا (٧) قلتَ: لا تُسافر - فقد نهيتَه عن السفر والنهيُ يقتضي الانتهاء؛ لأنه مطاوعة (٨)، تقول: نهيته


(١) انظر: المطالب العالية للرازي ٤/ ٢٨٨، ٢٨٩.
(٢) أي: كل من المعنيين: الحصول، والانتقال.
(٣) يعني: يمكن أن يعقل الحصول في الحيز الأول وحده، وكذا الثاني، فَتَعَقُّل كلٍّ من الحصولين مستقل؛ لأنهما ثبوتيان.
(٤) كالزنا مثلًا.
(٥) كالأكل، أو النوم.
(٦) سقطت من (ت).
(٧) في (غ): "وإذا".
(٨) الفعل المطاوع: هو الفعل اللازم الذي يقبل الأثر مِنْ فعلٍ غيره، مثل: كسَّرته فانكسر، فالفعل إنكسر مطاوِع لكسَّرته، أي: متأثر به، وكذا نهيته فانتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>