للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستواء من جميع الوجوه. وما يحصل بين زيدٍ وعمرو من المساواة في بعض الوجوه - فليست المساواة المطلقة (١)، بل مساواة خاصة، فإذا نفيت تلك المساواة التي موضوعها جميع الوجوه - لم يلزم أن لا تثبت مساواةٌ أخرى مقيدة ببعض الوجوه. وإنما يلزم ذلك أن لو كان ثَمَّ أعم وأخص (٢).

فإن قلتَ: هل هذا في حالِ النفي على الوجه الذي قررتم (٣) سلبٌ للعموم (٤)، فإن مدلولَ المساواة على ما ذكرتم جميعُ الوجوه، فلا يلزم من انتفائها أن لا تثبت من بعض الوجوه؟

قلت: لو كان مدلوله مُتَعَدِّدًا لكان كذلك (٥)، ولكنا نجعله شيئًا واحدًا: وهو المساواة المتعلقة بجميع الوجوه، فإذا نفيتَه انتفت تلك


(١) التي هي المساواة في جميع الوجوه، كما اختاره الشارح. أما المساواة المطلقة عند المصنف فهي القدر المشترك، كما سبق بيانه، وهذا المعنى غير مرضي عند الشارح رحمه الله تعالى.
(٢) المعنى: أن المساواة المطلقة ليست أعم من المساواة المقيَّدة، حتى يلزم من نفي الأولى نفي الثانية، بل المساواة المطلقة غير المساواة المقيدة؛ إذ يراد بالأولى: المساواة من جميع الوجوه، وبالثانية: المساواة من بعض الوجوه. ونفى الكل لا يلزم منه نفي البعض، كما تقول: لم يأت جميع الناس. فهذا لا ينفي مجيء بعضهم.
(٣) أي: هل الاستواء في حال النفي على المعنى الذي بينتموه للاستواء، كما في قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ}.
(٤) فسلب العموم سالبة جزئية؛ لأنه لا يَشمل كل فرد، بل يشمل العموم فقط، فهو نفي للكل لا للكلية، ولا يلزم منه نفي جميع الأفراد، بل يدل على الموجبة الجزئية، أي يدل على ثبوت بعض الأفراد.
(٥) أي: لكان نفي الاستواء المطلق سلبًا للعموم، ولا يلزم منه سلب الخصوص.

<<  <  ج: ص:  >  >>