للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب عما ذكره من القياس: أما أولًا: فبالمنع، فإنا لا نعرف خلافًا في المذهب أنه يجوز تخصيص النية بالمكان والزمان، كما يجوز بالمأكول المُعَيَّن (١).

وأما ثانيًا: فقياس المفعول به على المفعول فيه واضح التعسف؛ لأن المفعول به من مُقَوِّمات الفعل في الوجود؛ لأن أكلًا بلا مأكول محال (٢)، وكذا في الذهن: فَهْمُ ماهية الأكل دون المأكول مستحيل، فالتزام الأكل للمأكول واضح. وأما الزمان والمكان فليسا من لوازم ماهية الفعل، ولا من مقوماته، بل هما من لوازم الفاعل (٣) (المُحْدِث (٤)، ولهذا ينفك فعل الله تعالى عن الزمان والمكان (٥)، ولا ينفك أكل) (٦) عن مأكول، فالزمان والمكان اتفاقي ليس بلازم (٧). والحاصل أنَّ


(١) انظر: شرح التنقيح ص ١٨٥، البحر المحيط ٤/ ١٦٩.
(٢) أي: الفعل لا يتحقق بدون وجود المفعول به، فلو قال: "أكلت" بدون وجود المأكول في الوجود - فهو كلام باطل. وواضح أنه يقصد بالفعل المتعدي؛ لأنه هو الذي لا يُتعقل وجوده بدون المفعول.
(٣) سقطت من (ت).
(٤) يعني: الفاعل محتاج إلى مكان وزمان لإحداث فِعْله.
(٥) مَثَّل صفي الدين الهندي رحمه الله تعالى لهذا بفعل "الخَلْق"، فإنه قد انفك عن المفعول فيه من المكان والزمان، فإن خَلْق الله تعالى للعالم لم يكن في زمان ولا في مكان. انظر: نهاية الوصول ٤/ ١٣٧٩.
(٦) سقطت من (ت).
(٧) قوله: "ليس بلازم" تفسير لقوله: "اتفاقي"، يعني: تارة يكون، وتارة لا يكون، فهما ضروريان لأفعال العباد، لا لأفعال الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>