للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظن جماعة أن هذا الخلاف في أن العام المخصوص مجازٌ أَوْ لا - يجري في العام المراد به الخصوص.

والذي أراه في ذلك، وبالله العون والتوفيق: أما العام الذي أريد به الخصوص - فهو العام إذا أطلق وأريد به بعض ما يتناوله: فهو لفظ مستعمل في بعض مدلوله. وبعض الشيء غيره (١)، فالذي يظهر أنه مجاز قطعًا، إلا إنْ قيل: إنَّ العام دلالته على كل فرد من أفراده دلالة مطابقة، فقد يقال حينئذ على هذا: بأنه حقيقة في كل فرد. فإنْ جاء خلافٌ فيه فإنما يجيء من هذه الجهة، وشَرْطُ الإرادة في هذا النوع على ما ظهر لنا أن تكون مقارنةً لأول اللفظ، ولا يُكْتَفَى بطريانها في أثنائه؛ لأن المقصود منها (٢) نقلُ اللفظِ عن معناه إلى غيره، واستعماله في غير موضوعه (٣)، وليست إرادةُ إخراجٍ لبعضِ المدلول، بل إرادة استعمالٍ للفظ (٤) في شيءٍ آخر غير موضوعه، كما يراد باللفظ مجازه الخارجُ عنه، لا فرق بينهما، إلا أن ذاك خارج وهذا داخل؛ لأن البعض داخل في الكل.

ومَنْ يجعل الدلالة على كل فرد دلالة مطابقة - لا يناسبه أن يقول: إنه


(١) أي: بعض الشيء غير الشيء؛ لأن الجزء لا يكون كالكل.
(٢) في (ص)، و (ك): "فيها".
(٣) فاللفظ العام معناه كل فرد، ويراد نقله إلى غيره وهو بعض الأفراد، أي: جَعْلُ البعض معنى للكل. وهذا بلا شك استعمال للفظ في غير موضوعه.
(٤) في (ك): "اللفظ".

<<  <  ج: ص:  >  >>