للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الحافظ الحسيني - رحمه الله - عن تزاحم الطلبة على دروس التاج السبكي - رحمه الله - مدة إقامته بمصر ثمانية أشهر، وذلك في عام ٧٦٤ هـ: "وقد كان - أيده الله تعالى - في مدة إقامته بمصر على حالٍ شهيرة من التعظيم والتبجيل، يعتقده الخاص والعام، ويتبرك بمجالسته ذووا السيوف والأقلام، ويزدحم طلبةُ فنون العلم على أبوابه" (١). وقد تتلمذ له بعض أقرانه كصلاح الدين الصفدي، وشمس الدين الغزي (٢).

يقول في "الطبقات" عن الصلاح رحمه الله: "وكانت له همة عالية في التحصيل، فما صَنَّفَ كتابًا إلا وسألني فيه عما يحتاج إليه من فقه وحديث وأصول ونحو، لا سيما "أعيان العصر"، فأنا أشرت عليه بعمله، ثم استعان بي في أكثره، ولما أخرجتُ مختصري في الأصلَيْن المسمَّى "جمع الجوامع" كتبه بخطّه، وصار يحضر الحَلْقة، وهو يقرأ عليَّ ويَلَذُّ له التقرير، وسمعه كلَّه عليَّ، وربما شارك في فهم بعضه رحمه الله تعالى" (٣).


(١) انظر: ذيول العبر في خبر مَنْ غَبرَ ٤/ ٢٠٠.
(٢) هو محمد بن خلف بن كامل، القاضي شمس الدِّين الغَزِّيّ، يقول عنه التاج رحمهما الله: "رفيقي في الطلب، مولده سنة ست عشرة وسبعمائة بغزَّة، وقدم دمشق فاشتغل بها، ثم رحل إلى قاضي حماة شرف الدين البارزيّ، فتفقه عليه، وأذن له بالفُتيا، ثم عاد إلى دمشق وجَدَّ واجتهد. صَحِبتُه ورَافقته في الاشتغال من سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، سنة مَقْدَمِنا دمشق، إلى أن توفي وهو على الجدِّ البالغ في الاشتغال. أما الفقه فلم يكن في عصره أحفظُ منه لمذهب الشافعي، يكاد يأتي على الرافعيّ وغالب "المطلب" لابن الرفعة استحضارًا، وله مع ذلك مشاركة جيدة في الأصول والنحو والحديث". الطبقات الكبرى ٩/ ١٥٥، وانظر: الدرر ٣/ ٤٣٢.
(٣) انظر: الطبقات الكبرى ١٠/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>