للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} (١). وإنْ كان يثبته وجب عليه أن يقول: عِلْم الله مخلوق (٢) ويلزمه أيضًا أن يقول: القرآن مخلوق (٣).

قلت: قد أورد ابن داود هذا على الشافعي - رضي الله عنه -، وسَفَّهَ الأئمة مقاله، وقالوا: هو (٤) اعتراض غير سديد؛ لأن صفات الله عز وجل من العلم والقدرة والكمال ليست بأعيانٍ له (٥)؛ لأن الصفة ليست هي الموصوف ولا هي غيره.

وأما قوله: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا} (٦) - فهي أيضًا على عمومها، فكل دابة تَدِبُّ (٧)


(١) سورة النساء: الآية ١٦٦.
(٢) لأنه شيء من الأشياء، بدليل قوله تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ}، والله سبحانه خالق كل شيء.
(٣) لأنه من علمه، كما قال أحمد - رضي الله عنه -. انظر: سير أعلام النبلاء ١١/ ٢٤٥، ٢٨٦ وأخرج ابن الجوزي - رحمه الله - بسنده عن عبد الرحمن العكبري، قال: "سألت أحمد بن حنبل قلت: يا أبا عبد الله القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود؟ فقال: منه بدأ عِلْمه، وإليه يعود حُكمه". انظر: مناقب الإمام أحمد بن حنبل ص ١٥٤ - ١٥٥.
(٤) في (غ): "هذا".
(٥) أي: ليست صفاته تعالى أعيان مستقلة عن ذاته، بل الصفة قائمة بالذات، فليست هي الذات، ولا هي غير الذات.
(٦) سورة هود: الآية ٦.
(٧) بكسر الدال من باب ضرب.
انظر: المصباح المنير ١/ ٢٠١، لسان العرب ١/ ٣٦٩، مادة (دبب).

<<  <  ج: ص:  >  >>