للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس بجيد، وإنما مراد الشافعي رحمه الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سَنَّ سنةً ثم أنزل الله في كتابه ما يَنسخ ذلك الحكم - فلا بد أن يسنَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سنةً أخرى موافقةً للكتاب تَنْسخ سنتَه الأُولى؛ لتقوم الحجة على الناس في كل حكم بالكتاب والسنة جميعًا، ولا تكون سنةٌ منفردةٌ تخالف الكتاب. وقولُه: ولو أحدث الله. إلى آخره - صريحٌ في ذلك (١).

وكذلك قوله بعد ذلك ما نصه: فإن قال: هل تُنسخ السنة بالقرآن؟ قيل له: لو نُسخت السنة بالقرآن - كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيه (٢) سنة تبيِّن أن سنتَه الأُولى منسوخةٌ بسنته (٣) الأخيرة، حتى تقوم الحجة على الناس بأنَّ الشيء يُنسخ بمثله (٤). انتهى.

وكذلك ما ذكره بعد ذلك في باب جُمَل الفرائض التي أحكم اللهُ فرضَها بكتابه، وبَيَّن كيف فَرَضها على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فإنه قال لما تكلم على صلاة ذات الرقاع ما نصه: وفي هذا دلالةٌ على ما وصفتُ قَبْلُ (٥) في


(١) قال الزركشي رحمه الله بعد نقله لكلام الشارح - رحمه الله - دون عزوه إليه، كما هي عادته: "والحاصل أن الشافعي يشترط لوقوع نسخ السنة بالقرآن سنةً معاضدة للكتاب ناسخة، فكأنه يقول: لا تُنسخ السنة إلا بالكتاب والسنة معًا؛ لتقوم الحجة على الناس بالأمرين معًا، ولئلا يتوهم متوهِّم انفراد أحدهما من الآخر، فإن الكل من الله، والأصوليون لم يقفوا على مراد الشافعي في ذلك، وهذا أدب عظيم من الشافعي رضي الله عنه". البحر المحيط ٥/ ٢٧٥، مع اختصار يسير.
(٢) سقطت من (ص).
(٣) في (ص): "لسنته".
(٤) انظر: الرسالة ص ١١٠.
(٥) في "الرسالة": "قبلَ هذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>