للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليله: أنه لو انتسخ - لكان انتساخه إما بالكتاب، أو بالسنة، أو الإجماع، أو القياس. والكل باطل.

أما بطلانه بالأوَّلَيْن: فلأن نص الكتاب والسنة متقدم على الإجماع (١)؛ لأن جميع النصوص متلقاة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا ينعقد الإجماع في زمنه؛ لأنهم إن أجمعوا دونه - لم يصح. وإن كان معهم، أو علم بهم وسكت - فالعبرة بقوله، أو تقريره.

وأما بالإجماع: فلاستحالة انعقاده على خلاف الإجماع؛ للزوم خطأ أحدِ الإجماعَيْن. وإلى هذا أشار بقوله: "ولا ينعقد الإجماع بخلافه".

وأما بالقياس: فلأن شرط صحته أن لا يخالف الإجماع، فإذا قام القياس على خلاف الإجماع - لم يكن معتبرًا لزوال شرطه.

وأما أن الإجماع لا يُنسخ به: فلأن المنسوخ به إما النص، أو الإجماع، أو القياس. والأولان باطلان؛ لما عرفت (٢). وكذا القياس؛ لزواله بزوال شرطه، كما عرفت أيضًا (٣).

واعلم أنَّ ما ذكرناه مِنْ أنَّ الإجماع لا ينعقد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو ما


(١) أي: متقدم في زمن الورود، فكيف يَنسخ المتقدمُ المتأخِر! وما دام النصُّ متقدمًا فلا يُتصور إجماعهم على خلافه؛ لأنه يكون خطأ، والأمة معصومة من الخطأ. انظر: الإحكام ٣/ ١٦٠.
(٢) أي: لكون الإجماع لا يجوز أن يخالف النص، ولا أن يخالف إجماعًا آخر للزوم خطأ أحدهما، وهو باطل.
(٣) فالقياس لا يكون منسوخًا بالإجماع؛ لأن شرط القياس عدم مخالفة الإجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>