للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ} (١)، وهو عليه السلام سيد النبيين.

والجواب: أن المراد بذلك إنما هو وجوبُ المتابعة في الأشياء التي لم تختلف باختلاف الشرائع، وتلك أصول الديانات وكلياتها، كقواعد العقائد المتعلِّقة بذات الله تعالى وصفاته، والقواعد العملية المشتركة بين جميع الشرائع: كحفظ العقول، والنفوس، والأموال، والأنساب، والأعراض.

فإن قلت: ألستم تقولون إن هذه الكليات لا تجب عقلًا وإنما تجب سمعًا، وإذا ثبت وجوبُ الاتباع فيها - فهو المقصَد (٢).

قلت: أجاب القاضي في "مختصر التقريب": "بأنا نقول: إنه تعالى ما أوجب على نبيه التوحيد إلا ابتداء، ثم نَبَّه على أنه كلَّفه، بمثل ما كَلَّف مَنْ قبله"، قال القاضي - رضي الله عنه -: "وأقوى ما يُتمسك به في إبطال استدلالهم: أنه - صلى الله عليه وسلم - ما بحث عن دين واحدٍ من الأنبياء المُعَيَّنِين (٣) قط: لا نوح، ولا إبراهيم، ولا غيرهما. ولو كان مأمورًا باتباع شريعةٍ لبحث عنها، فوضح أنه ليس المعنى بأنه: شَرَع لنا من الدين ما وصَّى به نوحًا، وأمثال ذلك - إلا النهيَ عن الإشراك، وما تابعه من الكليات. وأما قوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} فالمراد به: افعل مِثْلَ فعلهم، واعتَقِدْ في التوحيد مثل ما اعتقدوه".


(١) سورة المائدة: الآية ٤٤.
(٢) انظر: المصباح ٢/ ١٦٣، مادة (قصد).
(٣) في (ص): "المغيبين". وهو تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>