للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن اعتقدوا حرمة الكذب - ففيه مذهبان:

أحدهما: أنه لا يُقبل. وهو مذهب القاضي أبي بكر، والقاضي عبد الجبار، والغزالي، والآمدي، والأكثرين (١).

والثاني: يقبل. وهو رأي الإمام وأتباعه، وأبي الحسين البصري (٢).

واستدلوا عليه: بأن اعتقادهم حرمة الكذب يزجرهم عن الإقدام عليه، فيحصل ظنُّ صدقه، فيجب العمل به. قال القرافي: وفيه نظر؛ فإنَّ مِن أهل الكتاب (٣) مَنْ يستقبح الكذب غاية الاستقباح، ومع ذلك لا تُقبل روايته بالإجماع (٤).

واحتج القاضيان أبو بكر وعبد الجبار: بقياسه على الفاسق، قالا: فإنه أعظم من الفاسق نكرًا، والفاسق مردودُ الرواية، فليكن هذا هكذا بطريق الأوْلى، وبالقياس على الكافر المخالف في الملة (٥) بجامع الكفر.

والجواب: أن الفرق بينه وبين الفاسق جَهْلُه بفسق نفسه، فَيَحْتَرِزِ عن


(١) انظر: التلخيص ٢/ ٣٧٧، المعتمد ٢/ ١٣٥، المستصفى ٢/ ٢٣٠ (١/ ١٥٧)، الإحكام ٢/ ٧٣، نهاية الوصول ٧/ ٢٨٧٥.
(٢) وهو اختيار الكمال بن الهمام - رحمه الله - من الحنفية. انظر: المحصول ٢/ ق ١/ ٥٦٧، الحاصل ٢/ ٧٨٩، التحصيل ٢/ ١٣١، نهاية الوصول ٧/ ٢٨٧٥، المعتمد ٢/ ١٣٥، تيسير التحرير ٣/ ٤١.
(٣) سقطت من (ت).
(٤) انظر: نفائس الأصول ٧/ ٢٩٥٢.
(٥) في (ت)، و (غ): "القبلة".

<<  <  ج: ص:  >  >>