للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما كانت العدالة شرطًا - لم يجز قبول رواية مَنْ أقْدَم على الفسق (١) عالمًا بكونه فسقًا، وقد حُكي الإجماع على هذا (٢).

وهذا واضح إن كان ما أقدم عليه مقطوعًا بكونه فسقًا، وأما إن كان مظنونًا - فيتجه تخريج خلافٍ فيه، إذ حُكي وجه فيمن شرب النبيذ وهو يعتقد تحريمه: أن شهادته لا تُرد (٣). قال صاحب "البحر": وهو الذي مال إلى ترجيحه المتأخرون من الأصحاب (٤). ولا فرق بين الرواية والشهادة فيما يتعلق بالعدالة، وإن افترقا في أمور أُخَر (٥).

وأما الجاهل بكونه فسقًا فقد يَجْهل الحال بالكلية، ويكون ساذِجًا (٦)، والأمر من المظنونات، كما لو شرب النبيذ ساذِج (٧) لا يعتقد الحِلَّ ولا التحريم (٨): ففي فسقه ورد شهادته بعد إقامة


(١) في (ص): "المفسِّق".
(٢) انظر: المحصول ٢/ ق ١/ ٥٧٢، التلخيص ٢/ ٣٧٦، المعتمد ٢/ ١٣٤.
(٣) انظر: العزيز شرح الوجيز ١٣/ ٢٠.
(٤) قال النووي في روضة الطالبين ٨/ ٢٠٨: "وأما إذا شربه مَن يعتقد تحريمه - فالمذهب أنه يُحد، وتُرد شهادته". وانظر: الحاوي ٢١/ ١٩٩.
(٥) انظر: البحر المحيط ٦/ ١٥٧.
(٦) أي: جاهلًا جهلًا بسيطًا، وهو الجهل الخالص. وفي المعجم الوسيط ١/ ٤٢٤: الساذَج: الخالص غير المَشُوب، وغير المنقوش، وهي ساذَجة. يقال: حُجَّةٌ ساذَجةٌ: غير بالغة. (مُعَرَّب، فارسيَّته: سادَه). اهـ. وانظر: لسان العرب ٢/ ٢٩٧، مادة (سذج).
(٧) في (غ): "ساذجًا".
(٨) هذا يدل على أن المراد بالساذج هنا: هو من لا يعتقد الحِلَّ ولا الحرمة مع علمه =

<<  <  ج: ص:  >  >>