للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن كلام المصنف ربما يُوهم توقفَ الاحتجاج بقول الصحابي: "كنا نفعل" على تقييده بعهد النبي (١) - صلى الله عليه وسلم -، وفيه مخالفة لكلام غيره. والذي عندي في ذلك أن لهذه الدرجة ألفاظًا:

أعلاها: أن يقول: كنا معاشرَ الناس، أو كانت الناس تفعل ذلك في عهده - صلى الله عليه وسلم -. وهذا (٢) ما لا يتجه في القول بكونه حجة (٣) خلافٌ؛ لتصريحه بنقل الإجماع المعتضِد بتقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤).

والثانية: أن يقول: كنا نفعل في عهده - صلى الله عليه وسلم -، ولا يصرح بجميع الناس. فهذه دون تلك؛ لأن الضمير في قوله: "كنا" يحتمل أن يعود على طائفة مخصوصة (٥).

والثالثة: أن يقول: كان الناس يفعلون كذا، ولا يصرح بعهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. فهذه دون الثانية من جهة عدم التصريح بعهده - صلى الله عليه وسلم -، وفوقها من جهة تصريحه بجميع الناس. فيحتمل أن يقال بتساويهما، والأظهر رجحان تلك؛ لأن التقييد بعهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ظاهرٌ في أنه قرَّر عليه (٦)، وتقريره تشريع سواء


(١) في (ت): "الرسول".
(٢) في (ت): "مما".
(٣) سقطت من (ت).
(٤) لكن حكى الشارح - رحمه الله - في "جمع الجوامع" الخلاف في هذه الصورة، وبيَّن أن الأكثرين يقولون بالحجية، انظر: شرح المحلي على الجمع ٢/ ١٧٣، وتبعه العلوي في نشر البنود ٢/ ٧١.
(٥) انظر: شرح المحلي على الجمع ٢/ ١٧٣، وتبعه العلوي في نشر البنود ٢/ ٧٢.
(٦) أي: على الفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>