للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرابع: أنا نعلم أن الألفاظ خَدَمٌ للمعاني، وليست مقصودةً بالذات إلا في القرآن العزيز؛ لكونه معجِزًا، والمعنى هو المقصود، فإذا حصل تامًا كاملًا لم يضر اختلافُ الألفاظ.

وليس للفقيه أن يعترض على هذا: بكلمات الأذان، والتشهد، والتكبير، ولفظي (١) النكاح والتزويج، وغير ذلك مما تُعُبِّدنا فيه بالألفاظ؛ لأن الألفاظ مقصودة فيه مع المعاني، وكلامنا حيث لا يكون اللفظ مقصودًا (٢).

واحتج مَنْ منع نقل الحديث بالمعنى: بأن ذلك مؤدٍ إلى طَمْسه، واندراسه؛ لأن الراوي إذا أراد النقل بالمعنى كان غايته الاجتهاد في طلب ألفاظٍ توافق ألفاظ الحديث، وتؤدي معناها. وأهل العلم على أشد اختلافٍ في معاني الألفاظ، وفهم دقائقها، والوقوع على مواقعها، فيجوز أن يغفل عن بعض تلك الدقائق، وينقله إلى لفظٍ آخر غير دالٍّ على تلك الدقيقة، ثم يتصل الخبر بالطبقة الثانية وهو خالٍ من تلك الدقيقة، فينقلوه أيضًا بالمعنى، ويَدَعون منه نحو ما تَرك الأولُ منه، وهلم جَرَّا حتى يقع التفاوت الكبير (٣).

والجواب: أنه متى أخل بأدنى شيءٍ لم يجز، وتَخْرُج المسألة عن صورتها؛ لأن الفَرْض أنه لم يُخِلَّ بشيءٍ، بل أتى بالمطابِق من كل وجه (٤).


(١) في (ص): "ولفظتي".
(٢) انظر: نهاية الوصول ٧/ ٢٩٧١، ٢٩٧٥.
(٣) في (ص): "الكثير"، وفي ت: "الكتر"، بلا تنقيط، والأحسن هو ما أثبته.
(٤) انظر هذا الدليل وجوابه في: نهاية الوصول ٧/ ٢٩٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>