كتاب المنهاج للبيضاوي من أبواب أصول الفقه، بدأ بالأصول المتفق عليها (الكتاب والسنة والإجماع والقياس)، ثم النسخ ثم طوق الاستنباط من عام وخاص وأمر ونهي وظاهر ومؤول ثم الأدلة المختلف فيها كالاستصحاب وشرع من قبلنا إلى نهاية الاجتهاد والتراجيح. ولم ينس أن يعرج عن الأحكام الشرعية التكليفية منها (كالواجب والمندوب، والحرام والمكروه والمباح)، والوضعية كالشرط والمانع، وانتهى بالكلام عن واضع هذا العلم: الشافعي وكل من سار وراءه من الأصوليين. ولتوضيح ذلك نسرد مقدمته واضعين خطًا على كل كلمة تومئ إلى ذلك.
قال التاج رحمه الله: "الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي جعل لنا من هذا الدّين القيم شرعة ومنهاجا، وأطلع لنا في سماء العلم الشريف من الكتاب والسنة سراجًا وهاجًا، وقدر للفقيه أن يكون على الإجماع محتالًا، وإلى القياس محتاجًا، نحمده على نعمه التى خصَّنا بعمومه، ورجحنا على من سواه بأدلة مفهومها، واستوعب لنا ما وجد منها عند سبرها وتقسيمها، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة ظاهرة غير مؤولة دائمة، نستصحب منها أحكامًا غير مبدلة نامية الثواب يوم الميعاد، فلا يحتاج إلى بيان أحكامها المجملة، ونشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله الذي نسخ شرع من قبله بشرعه المؤيد، وأمر ونهى فأوجب وندب وحرم وأباح، وأطلق وقيد، واجتهد في إبلاغ ما أمر به، فذب العقل عن فعل ما قرره، وشيّد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الذين فهموا خطاب وضعه، وقاموا بشرائط دينه، وعلموا أدلة