للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلا يلزم أن يكون ذِكْرُ المخالفةِ وهو قوله: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} (١) لغوًا؛ لأمرين:

أحدهما: المشاقةُ مستلزمةٌ لمخالفة (٢) سبيل المؤمنين، وحينئذ فلا يُحتاج إلى المخالفة.

والثاني: أنْ المشاقَّةَ وحدها مستقلةٌ في ترتيب الوعيد، واللغو محال في كلام الله عز وجل.

الوجه الثاني: سلمنا أن الآية تقتضي المنع من اتباع غيرِ سبيل المؤمنين لا بشرْط (٣) المشاقة، لكن لا بد فيها من شَرْطٍ آخر وهو تَبَيُّنُ الهدى؛ لأنه تعالى شرط في مشاقة الرسول تَبَيُّنَ الهدى، ثم عطف عليها متابعة غيرِ سبيل المؤمنين، فيجب أن يكون تَبَيُّنُ الهدى شرطًا فيها أيضًا؛ لأنَّ ما كان شرطًا في المعطوف عليه يجب أن يكون شرطًا في المعطوف، والألف واللام في الهُدى للعموم، فيلزم أن لا يحصل التوعد على اتباع غير سبيل المؤمنين إلا عند تبين جميع أنواع الهدى، ومِنْ جملة أنواع الهدى دليلُ الإجماع، وعلى هذا التقدير (لا يبقى للتمسك بالإجماع فائدة) (٤)؛ إذ يُستغنى بحصول دليل الإجماع عن الإجماع.


(١) سورة النساء: ١١٥.
(٢) في (ت): "مخالفة".
(٣) في (ص): "لا يشترط".
(٤) في (ص): "لا ينفى في للتمسك بالإجماع فائدة". وهو خطأ وتحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>