للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه دليل آخر من أدلة الشرع غير الإجماع، أو أنه ليس بإجماعٍ قطعي بل ظني؟

النظر مضطرب في ذلك، ويؤيِّد الأول قولُ الماوردي: "والقول الثاني: أنه لا يكون إجماعًا. قال الشافعي: مَن نسب إلى ساكتٍ قولًا فقد كذب عليه" (١)، فاقتضى أن يكون (٢) الساكت لا يُنسب إليه قولٌ لا ظنًا ولا قطعًا. ويعضد الثاني قولُ أبي عمرو بن الحاجب في "المختصر الكبير": هو حجة وليس بإجماع قطعي (٣).

والرابع: وذهب إليه أبو علي بن أبي هريرة: إنْ كان هذا القول مِنْ حاكمٍ لم يكن إجماعًا ولا حجة، وإلا فإجماع؛ لأن الاعتراض على الحاكم ليس من الأدب فلعل السكوت كان لذلك. وأيضًا فالحكم في المختلف فيه لا يُنكر ويصير (٤) مُجْمعًا عليه، بخلاف الفتيا (٥) (٦).


(١) انظر: الحاوي ١/ ٢٦.
(٢) سقطت من (ص).
(٣) انظر: منتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل ص ٥٨.
(٤) في (ص)، و (غ): "ويُصَيِّره".
(٥) قال القرافيُّ مُعَلِّلًا قولَ ابن أبي هريرة رحمه الله: "لأن الحاكمَ كثيرُ الفحص عن رعيته، فيعلم من الأسباب والأحوال ما لم يطلع عليه غيرُه، فربما كان ظاهر حكمه على خلاف الإجماع؛ لأجل ما خَفِيَ عن غيره، وهو حقّ، فهو يعتمد في حُكمه أسبابًا وأحوالًا ومدارك شرعية، وربما أداه إلى ترجيح ما هو مرجوحٌ في غير هذه الصورة". ومن أجل هذه العِلَل لا يحسن الإنكار عليه، فربما يكون سكوت المجتهد لذلك، ثم قال القرافي: "وأما غير الحاكم فلا يحكم إلا بالأدلة الشرعية فقط، وغيره يُشاركه في ذلك، فلو أخطأ لردَّ عليه غيره". نفائس الأصول ٦/ ٢٦٨٩، وانظر: شرح تنقيح الفصول ص ٣٣١.
(٦) انظر: المحصول ٢/ ق ١/ ٢١٥، البحر المحيط ٦/ ٤٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>