للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم مَنْ قال: هو حجة وليس بإجماع. ورجَّحه ابن الحاجب، فإنه قال: "لو ندر (١) المخالِف مع كثرة المجمِعين - لم يكن إجماعًا قطعًا"، قال: "والظاهر أنه حجة؛ لبُعد أن يكون الراجح مُتَمَسَّك المخالِف" (٢).

قال صفي الدين الهندي: "والظاهر أنَّ مَنْ قال إنه إجماع فإنما يجعله إجماعًا ظنيًا لا قطعيًا، وبه يُشْعر إيراد بعضهم" (٣).

لنا: أنَّ الصحابة أجمعوا على ترك قتال مانعي الزكاة إلا أبو بكر - رضي الله عنه -، ولم يقل أحدٌ إنَّ خلافَه غيرُ معتدٍّ به، بل رجعوا إليه حين المناظرة.

واحتج ابن جرير ورفقتُه بوجهين ذكرهما في الكتاب:

أحدهما: أنَّ لفظي "المؤمنين" و"الأُمة" يصدق على الأكثر، كما يقال على البقرة: إنها سوداء، وإن كان فيها شعرات بيض، وللزنجي: إنه أسود، مع بياض حَدَقته وأسنانه.

والجواب: أنَّ صِدْق إطلاق ألفاظ العموم على الأكثر إنما هو على سبيل المجاز، وليس حقيقة؛ لأنه يجوز أن يقال لمن عدا الواحد من الأمة ليسوا كل الأمة، ويصح استثناؤه منهم. وهذا واضح.

والثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بالسواد الأعظم" (٤) أمر باتباع


(١) في (ص): "نذر".
(٢) انظر: بيان المختصر ١/ ٥٥٤، العضد على ابن الحاجب ٢/ ٣٤.
(٣) انظر: نهاية الوصول ٦/ ٢٦١٦.
(٤) أخرجه ابن ماجه في السنن ٢/ ١٣٠٣، كتاب الفتن، باب السواد الأعظم، رقم ٣٩٥٠. وفي سند الحديث أبو خلف الأعمى وهو حازم بن عطاء، وهو =

<<  <  ج: ص:  >  >>