فالمقدم هو قوله: لو لم يكن الصوم شرطًا. والتالي هو قوله: لم يصر شرطًا له بالنذر. والنتيجة هي: فهو شرط له مطلقًا. وإنما جاءت هذه النتيجة بعد أن سلطنا الاستثناء على التالي: بقولنا لكنه شرط له في النذر، وهو نقيض اللازم، فينتج نقيض الملزوم، وهو: فهو شرط له مطلقًا. وهذا من باب القياس الاستثنائي المتصل. المؤلف من مقدمتين صغرى وكبرى، فالكبرى قضية شرطية متصلة، ويشترط فيها أن تكون لزومية اتفاقية، والصغرى قضية حملية مقترنة بلفظة لكن أو نحوها، وتسمى استثنائية، ويستثنى بالمقدمة الصغرى مقدم الشرطية المتصلة الموجبة اللزومية أو نقيض التالي. والقاعدة أن إثبات الملزوم يقتضي عقلًا إثبات لازمه ونفي اللازم يقتضي عقلا نفي ملزومه. ومن الأمثلة المبثوثة في الكتاب والسنة قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيْهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ} (مقدم) {لَفَسَدَتَا} (تالي) [كبرى] أي لكنهما لم تفسدا (صغرى) (رفع فيها التالي). إذن فليس فيهما إلا الله (النتيجة) (وقد رفع فيها المقدم). وقس على هذا قوله تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} سورة الصافات الآيتان ١٤٣ - ١٤٤. وقوله تعالى: {لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} الأحقاف الآية ١١. وقوله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} الحاقة الآية ٤٥ - ٤٧. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة". أخرجه البخاري في صحيحه ص ١٧٩، كتاب الجمعة (١١) باب السواك يوم الجمعة (٨) رقم (٨٨٩) وفي كتاب التمني (٩٤) باب ما يجوز من اللّو (٩) رقم (٧٢٤٠).