للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه، وبالقصاص لكونه وسيلة إليه فكلا المقصد والوسيلة مقصود (١) للشرع، وأجرى الله تعالى العادة أنّ القصاص سبب للفظ فإذا فعل المكلَف من السلطان والقاضي وولي الدم القصاص وانقادَ إليه القاتل امتثالًا لأمر الله به ووسيلةً إلى حفظ النفوس كان لهم أجران أجرٌ على القصاص وأجرٌ على حفظ النفوس، وكلاهما مأمورٌ به من جهة الله تعالى.

أحدهما: بقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (٢).

والثاني: إما بالاستنباط وإما بالإيماء في قوله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} (٣) وهكذا يستعمل ذلك في جميع الشريعة ومن هنا يتبين أن كل حكم معقول المعنى فللشارع فيه مقصودان: أحدهما: ذلك المعنى، والثاني: الفعل الذي هو طريق إليه، وأمر المكلف أنّ يفعل ذلك الفعل قاصدا به ذلك المعنى، فالمعنى باعث له لا للشارع، ومن هنا يعلم أنّ الحكم المعقول المعنى أكثر أجرًا من الحكم التعبدي.

نعم التّعبدي فيه معنى آخر، وهو أنّ النّفس لاحظ لها فيه، فقد يكون أجر (٤) الواحد يعدل الأجرين اللذين في الحكم غير التعبدي، ويعرف أيضًا أن العلّة القاصرة سواءً كانت منصوصة أم مستنبطة فيها فائدة، وقد ذكر النّاس لها فوائدَ وما ذكرناه فائدةٌ زائدةٌ، وهي قصد


(١) (في نفسه، وبالقصاص لكونه وسيلة إليه فكلا المقصد والوسيلة مقصود) ساقط من (غ).
(٢) سورة البقرة: من الآية ١٧٨.
(٣) سورة البقرة من الآية ١٧٩.
(٤) في (غ): أجره.

<<  <  ج: ص:  >  >>