مثال:"قلت: وهذا الذي أوردناه من التفرقة بين تقدم النفي على كلَّ، وتأخره عنها هو الذي ذكره البيانيون"(١).
هذا باختصار ما أورده من آراء لأهل اللغة والنحاة، أمّا الأدب، فقد حلّى شرحه بكثير من الشواهد الشعرية، وأقوال العرب، وضبط الكلمات العربية، لكن الذي يلاحظه المتصفح لشرح الإمام تاج الدين السبكي، هو أنه لم يكن شرحه على وتيرة واحدة، جافًا كما هو دأب الأصوليين، فالمعروف أن أصول الفقه أوّل ما دونه الإمام الشافعي رحمه الله ألفه في ثوب أدبي رفيع، وقد نبه إلى ذلك محققه أحمد شاكر، ثم ما فتئ يتناقص، ودخلت عليه الألفاظ الاصطلاحية، والتعابير الكلامية والمنطقية، فذهب رونقه، وصار كجلمود صخر حطه السيل من عل، حتى أضحى مستعصيًا على أهل الفن، نهيك عن المتطفلين على هذا العلم. لذا فإن الشيخ حكى شيخ مذهبه الإمام المطلبي، فلا يترك فرصة سانحة ليوشح هذا الشرح بعبارة أدبية إلى وفعل، فكان كريشة فنان، أو أداة من أدوات النحاتين، فوضع فسيفساء من العبارات الأدبية الرفيعة على جدران هذا العلم، ورسم على الزجاج المعشق، أشكالا وألوانا من الأدب الرقيق. وخاصة إذا كان أسلوبه مقتبسًا من كتاب الله فيزيده رونقا وتألقًا، ولنضرب بعض الأمثلة على ذلك.
المثال الأول: نأخذه من ديباجته التي دبج بها شرحه وهي وإن كانت طويلة بعض الشيء إلا أنها معبرة، وتعطي الصورة الحقيقية التي وسمتها به