للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولك أنْ تقول إذا ذكر المجاز بدون قرينة معينة مقيّدة بأنْ قيل ابتداءً: فلان بحر فهذا الجواب صحيح؛ لأنّه ليست دلالةُ هذا على الكرم أظهرَ من قولنا: سخيّ أو كريم (١) كما ذكرتم؛ لأنَّ تسميته بالبحر متردد بين علمه الغزير وكرمه الكثير، فلا يتعين لواحد منهما إلا بقرينة. وأمّا إذا وجدت معه قرينة مخصصة معينة لذلك المعنى المجازي فالاستعارة كذلك، بل (٢) أظهر دلالة، وذلك كقول القائل: رأيت أسدًا يرمي بالنّشاب أو (٣) يفوه بالخطاب فإنّ لهذا دلالةً ظاهرةً أظهر وأقوى من قولك رأيت شجاعًا.

السادس: إذا تعارض خبران، ولم يمكن العملُ بأحدهما إلا بعد ارتكاب المجاز، ومجاز أحدهما أشبه بالحقيقة من مجاز الآخر فيرجح على ما ليس كذلك، وقد مرّ تمثيله في المجمل والمبين (٤).

السابع: يرجَّحُ المشتملُ على الحقيقةِ الشرعيةِ على المشتملِ على العرفيةِ أو اللغويةِ (٥)، ثم العرفيةُ مقدّمةٌ (٦) على اللغويةِ (٧)، كما عرفت في


= للرازي: ج ٢/ ق ٢/ ٥٧٣.
(١) في (ت): أسخى أو أكرم.
(٢) (بل) ليس في (ص).
(٣) في (ص): أو سهم.
(٤) ينظر: المحصول للرازي: ج ٢/ ق ٢/ ٥٧٥، الإحكام للآمدي: ٤/ ٣٤٠ - ٣٤١، ونهاية الوصول للصفي الهندي: ٨/ ٣٧٠٤.
(٥) قال الصفي الهندي في نهايته: ٨/ ٣٧٠٤ "وهذا يستقيم إذا كان اللفظ واحدًا، لكن في أحد الخبرين يدل على المعنى الشرعي وفي الآخر على المعنى اللغوي، أما إذا كان لفظان أحدهما حقيقة شرعية في خبر، والآخر حقيقة لغوية في خبر آخر، ولم ينقله الشرع عن عرف اللغة إلى عرفه، فلا نسلم ترجح الحقيقة الشرعية على الحقيقة اللغوية، بل الحقيقة اللغوية أولى، وهذا لأنّ الحقيقة اللغوية إذا لم ينقلها الشرع فهي لغوية لا شرعية عرفية معًا لتقرير الشرع والعرف على المعنى اللغوي، بخلاف الحقيقة الشرعية فإنها شرعية فقط، وليس لغوى ولا عرفي، والنقل خلاف الأصل، فكان اللفظ اللغوي أولى".
(٦) في (ت): متقدمة.
(٧) ينظر: المحصول للرازي: ج ٢/ ق ٢/ ٥٧٤، الإحكام للآمدي: ٤/ ٣٤٠، ونهاية الوصول للصفي الهندي: ٨/ ٣٧٠٤، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: ٤/ ٤٩٨، وشرح العبري: ص ٦٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>