التي وضعها أهلها باصطلاحاتهم، فإن لم يتعلق بها فائدة دينية فينبغي أنْ نشح على الأوقات أنْ نضيعها بها وبتفصيلها، وإن تعلق بها فائدة من ضمّ نشر الكلام ورد مباحث المناظرين إلى محزّ الخصام؛ لئلا يذهب كلّ واحد في كلامه طولًا وعرضًا وينحرف عن مقصود نظره بما لا يرضى، فتلك فائدة ليست من أصول الفقه، فينبغي أنْ يفرد بعلم النظر، وهو عندنا من أكيس العلوم وأعظمها كفالة بتدقيق المنطوق والمفهوم، ولكن لا ينبغي أنْ يمزج بالأصول التي مقصدها تذليل سبل الاجتهاد للمجتهدين لا تعليم طرق الخصام للمتناظرين ولهذا حذف الغزالي هذه الاعتراضات بالأصالة. وبالله التوفيق" (١).
وبعد هذا التجوال بين ربوع شرحه، واستخراج بعض الفوائد منه، بقي أن نقول: إنه مهما بذلنا من جهد فلن نستطيع أن نستخرج كل كنوزه، فكما تجد في البحر كل أنواع الأسماك والنباتات البحرية، والصخور المرجانية والحلي الثمينة، كذلك في شرح الشيخ التاج، تجد جميع أنواع العلوم، وإن غلب عليه أنه كتاب أصولي، لكن ليس هناك بد مما ليس له بد، أو كما يقال، فلا يمكن الحكم له أو عليه بمجرد قراءة سطحية وفي كتاب واحد، بل ينبغي أن تقرأ كتبه التي ألفها في أصول الفقه، ابتداء بهذا الكتاب، ومرورا بشرحه على ابن الحاجب، وانتهاء بتصنيفه لمختصر جمع الجوامع، والذي جمع فيه زهاء المائة مصنف. لذا فمهما بذلنا من جهد فإنه يصعب إعطاء هذا الرجل حقه.