للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الفراء: "لا جَرَم كلمة كانت في الأصل بمعنى: لا بد ولا محالة، فكثر استعمالُها حتى صارت بمنزلة حَقًّا، تقول: لا جرم لآتينك" (١).

قال الواحدي (٢): "وُضِع مَوْضع القسم في قولهم: لا جرم لأفعلن، كما قالوا: حَقًّا لأفعلن" (٣).

وأنتَ إذا تأملتَ هذه الأقوال لم ينطبق شيءٌ منها على معنى التعليل الذي قَصَده المصنف (٤)، والذي يظهر أنَّ التعليلَ مستفادٌ من ترتيب الحكم على الوصف.

وتصحيح كلام المصنف (٥) بأنْ يُقَدَّر: فلا جرم أنا رتبناه، فإضمار الفاء لإفادة التعليل، وتقدير أنَّ واسمِها لِتُوَافق مواقعَها من القرآن (٦).


(١) انظر معاني القرآن للفراء ٢/ ٨.
(٢) هو علي بن أحمد بن محمد بن عليّ الواحديّ النَّيْسابوريّ، أبو الحسن الشافعيّ. الإمام الكبير، من أولاد التجار، وأصله من ساوه، كان واحدَ عصره في التفسير، وإمامَ علماء التأويل. صَنَّف التصانيف الثلاثة في التفسير: "البسيط" و"الوسيط"، و"الوجيز". وصنف أيضًا "أسباب النزول"، "التحبير في شرح الأسماء الحسنى". توفي بنيسابور سنة ٤٦٨ هـ. انظر: سير ١٨/ ٣٣٩، الطبقات الكبرى ٥/ ٢٤٠.
(٣) معنى كلام الواحدي: وضع قولهم: "لا جرم لأفعلن" موضع القسم، مثل قولهم: "حَقًّا لأفعلن"، وضع موضع القسم.
(٤) في قوله: "لا جرم رتبناه على مقدمة وسبعة كتب". فلا جرم تعليلٌ لما سبق.
(٥) هذا فيه إشارة إلى الخلل في كلام الماتن.
(٦) فأضاف الشارح الفاء لإفادة التعليل، وأضاف أنَّ واسمها وهو الضمير المتصل بها؛ لأنَّ أصل: "أنَّا" أننا؛ لتوافق مواقعها في القرآن، فإنَّ لا جرم يكون بعدها أنَّ =

<<  <  ج: ص:  >  >>