للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضي أبو بكر: الكلام لا (١) يوصف بأنه خِطَاب دون وجود مخاطَب؛ ولذلك أحلنا أن يكون كلام الله في أزله، وكلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - في وقته - مخاطبةً على الحقيقة، وأجزنا كونه أمرًا أو نهيًا، وعلى هذا لا يُقال للمُوصِي إنه مُخَاطِبٌ بما يُودِعُه وصيتَه، ويقال: أَمَر مَنْ تُفْضِي (٢) إليه الوصية. انتهى.

فعلى هذا لا يصح أن يُؤخذ الخطاب في حَدِّ الحكم (٣)؛ لأنَّ الحكم عندنا قديم، ويجب أن يقال: الكلام (٤).


= أنّ الكلام لا يوصف بالحكم إلا بوجود المخاطَب الذي يَفْهم، فكلما وجد المخاطَب الذي يَفْهم وُصف الكلام بأنه حكم، فيما لا يزال، أي: فيما لا نهاية. وفي مُسَلَّم الثبوت مع شرحه فواتح الرحموت ١/ ٥٦ (ثم في تسمية الكلام في الأزل خطابًا خلاف) فبعضهم جعلوه خطابًا، والآخرون لا، (والحق أنه) خلاف لفظي (إنْ فُسِّر بما يُفْهم) ولو بالآخرة، أي: ما فيه صُلُوح الإفهام (كان خطابًا فيه) أي: في الأزل؛ لأنَّه صالحٌ فيه للإفهام فيما لا يزال (وإن فُسِّر بما أُفهم) أي: وقع إفهامه (لم يكن) في الأزل خطابًا؛ إذ لم يتحقق الإفهام فيه (بل فيما لا يزال) فقط، والخطاب في اللغة: توجيه الكلام للإفهام، ثم أطلق على الكلام الموجَّه للإفهام [يعني: المهيئ للإفهام]، فإن اكتفى بالصلوح للإفادة فالأزلي [أي: الكلام الأزلي] خطاب في الأزل، وإن أُريد الإفهام الحالي فلا. اهـ
وكذا قَرَّرَ أنَّ الخلاف لفظي الكمال بن الهمام في "التحرير"، انظر: تيسير التحرير ٢/ ١٣١، وانظر: شرح الكوكب ١/ ٣٣٩، نهاية السول مع حاشية المطيعي ١/ ٤٨.
(١) سقطت من (ص)، و (ك).
(٢) في (غ): "من يفوض".
(٣) لأنَّ الحكم للموجود والمعدوم، والخطاب لا يكون إلا للموجود، فالحكم قديم، والخطاب حادث.
(٤) انظر: نفائس الأصول للقرافي ١/ ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>