للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدخلا (١) كما قلنا في العبادات.

واعلم أنَّ الإمام وأتباعه ومنهم المصنف أنكروا كون الصحة حكمًا زائدًا على الاقتضاء والتخيير (٢)، وأنكروا الحكم بالسببية كما سبق في الموضعين، فلم يبق للصحة معنى عندهم في العقود إلا إباحة الانتفاع، وهو شرعي (٣).

ومَنْ يفسر الصحة بكونه مبيحًا للانتفاع يلزمه أنْ يوافق الغزالي في الحكم بالسببية، أو يقول: إنها عقلية (٤). وحُكْم القاضي مثلًا بصحة عَقْدٍ


= لأنَّ الصحة ليست هي ترتب الأثر، ذاته، بل الصحة هي كون العقد بحيث يترتب الأثر عليه، ومعنى هذا أنَّ الصحة هي وقوع العقد على وجه مخصوصٍ، وهذا الوقوع أمر عقلي، أما الترتب فهو شرعي. ولذلك قال الأصفهاني في بيان المختصر ١/ ٤٠٩: "وأما الصحة في المعاملات فلم يتعرض المصنف لها. ويمكن أنْ يقال: إنها أيضًا أمر عقلي؛ لأنَّ الصحة في المعاملات: كون الشيء بحيث يترتب عليه أثره، وإذا كان الشيء مشتملًا على الأسباب والشرائط وارتفاع الموانع - وحكم العقل بترتب أثره عليه، سواء حكم الشرع بها أو لم يحكم".
(١) يعني: لكن تسمية هذا الأمر العقلي: وهو الوقوع على وجه مخصوص - شرعيًا؛ باعتبار أنَّ للشرع مدخلًا فيه، وهو كون هذا الوجه المخصوص موافقا لأمر الشرع.
(٢) يعني: أنَّ الصحة هي الاقتضاء أو التخيير عند الإمام وأتباعه, لأنهم قسموا الحكم الشرعي إلى الصحة والبطلان. انظر: المحصول ١/ ق ١/ ١٤٢، والتحصيل ١/ ١٧٨. إلا أنَّ تاج الدين الأرموي اختار في الحاصل ١/ ٢٤٤: أن هذا التقسيم للأفعال، أي: لمتعلِّق الحكم.
(٣) قال في المحصول ١/ ق ١/ ١٤٢: "وأما في العقود فالمراد من كون البيع صحيحًا: ترتب أثره عليه". وترتب أثر العقود هو إباحة الانتفاع، وهو حكم شرعي، وكذا قال في التحصيل ١/ ١٧٨، والحاصل ١/ ٢٤٤.
(٤) يعني: أنَّ مَنْ فسر الصحة بكون العقد مبيحًا للانتفاع - يلزمه أنْ يوافق الغزالي في =

<<  <  ج: ص:  >  >>