للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما عن أهم الحاصلات الزراعية في مصر في ذلك العصر فمنها القمح الذي كان محصوله يفيض عن حاجة البلاد أحيانًا، وعندئذٍ كان السلاطين يمدون بلاد الشام والحجاز والنُّوبَة (١) بمقادير وفيرةٍ منه. كذلك كان الكتان من أهم مزروعات مصر في عصر المماليك، وكانت تصدَّر كميات كبيرة من المنسوجات الكتانية إلى البلاد المجاورة. واشتهرت مصر في ذلك العصر بزراعة قصب السكر، هذا عدا أنواع الفواكه والخضروات لسد حاجة السوق المحلية، وهذا كله فضلًا عن الزهور والرياحين التي زُرعت في الحدائق والبساتين. وأدت الأراضي الزراعية ضريبة الخراج للدولة، واختلف ذلك باختلاف البلاد.

وبالإضافة إلى الثروة الزراعية عُنِي السلاطين في عصر المماليك بالثروة الحيوانية، فأكثروا من نتاج الأغنام وجَلْب الأنواع الممتازة منها لتربيتها حتى ازداد عدد المواشي وارتفعت سلالتها.

على أن هذه العناية بالزراعة ومرافقها في عصر المماليك لا تعني بأي حال تقدم أحد الفلاحين أو ارتفاع مستوى معيشتهم، فالفلاح المصري عاش في ذلك العصر قِنًّا مربوطًا إلى الأرض التي يَفْلَحها ويُفني حياته في خدمتها، وليس له من خيراتها إلا القليل؛ ذلك أن خيرات البلاد ومحصولات الأراضي الزراعية كانت في الواقع نهبًا موزَّعًا بين السلاطين والأمراء ومماليكهم، في حين لم يبق للفلاحين سوى الكدِّ والعمل ودفع ما


(١) النوبة، بضم النون، وسكون الواو: بلاد واسعة عريضة في جنوبي مصر بعد أسوان. انظر: معجم البلدان ٥/ ٣٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>