للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفة تقتضي وجوبَه، وكل منها (١) يقوم مقام الآخر، فَوُصِفَ كلُّ منها (٢) بالوجوب والتخيير معا.

وتحقيق هذا الكلام إنما يُنتج أنَّ المشتمل على الحُسْن المقتضي للوجوب هو أحدها، لا خصوص كل منها، فلذلك كان معنى كلامهم (٣) إيجابَ أحدها على الإبهام، وإنما قصدوا الفرار من لفظ يُوهم أنَّ بعضها واجب، وبعضها ليس بواجب، (وأنه لا يجوز التخيير بين الواجب وغيره) (٤).

وأصحابنا لا يُراعون الحُسْن والقبح، ويُجَوِّزون التخيير بين ما يُظن أنَّ فيه مصلحة، وبين ما لا مصلحة فيه، ومع ذلك لم يقولوا بوجوب واحد معيَّن، وإنما قالوا بوجوب أحدها من غير تعيين؛ لأنَّه مدلول لفظ الأمر، ومدارهم في إثبات الأحكام عليه (٥). فإذا نظرنا إلى مجرد ذلك لم يكن فرقٌ في المعنى بين مذهب أصحابنا ومذهب المعتزلة، وبذلك صرح طوائف منا ومنهم وتَبِعهم المصنف (٦)، وإذا دققنا البحث، وقررنا ما قدمناه من الفرق


(١) في (ت)، و (ص)، و (ك): "منهما". وهو خطأ؛ لأنَّ الضمير يعود إلى الخصال الثلاثة.
(٢) في (ت)، و (ص)، و (ك): "منهما". وهو خطأ، كما سبق تعليله في الهامش السابق.
(٣) أي: كلام المعتزلة.
(٤) في (ص): "وأنه لا يخير بين الواجب وغيره".
(٥) سقطت من (ص).
(٦) يقصد السبكي بهذا أنَّ المعتزلة حينما قالوا بإيجاب الكلِّ لا يقصدون وجوب كل خصلة بخصوصها، بل كان مقصودهم من كلامهم الفرارَ من أنْ يُوصف بعض الخصال بالوجوب المقتضِي للحسن، وبعضها بعدم الوجوب المقتضي لعدم الحسن، لكنهم قولهم بإيجاب الكل يُقِرون بأن المكلف مطالب بواحدٍ مبهمٍ =

<<  <  ج: ص:  >  >>