بفضل مهارته في القتال، واستعمال القوس والنشاب والحربة.
لذلك لا عجب إذا احتلت الصناعات الحربية مكانًا بارزًا في النشاط الصناعي لدولة المماليك، وقد وُجد بالقاهرة في ذلك العصر سوق كبير اسمه سوق السلاح ذَخَر بالأسلحة المتنوعة، وبالصُّنَّاع الذين كانوا يصنعونها، فإذا حدثت فتنة أو نشبت حربٌ هَرَع الأمراء والجنود إلى ذلك السوق، وعندئذٍ يرتفع سعر الحديد، وأجور الحدَّادين وصُنَّاعِ آلات السلاح؛ لإقبال الناس على شرائه.
ويرتبط بالصناعات الحربية صناعة السفن، إذ حَرِص سلاطين المماليك على إنشاء أسطول بحري قوي يحمي شواطئ دولتهم الواسعة، ويَصُدُّ غارات المعتدين، ويؤدِّب القراصنة الذين دأبوا على مهاجمة السفن الإسلامية في البحر المتوسط.
وكانت السفن الحربية على أنواع، منها الشواني والحراريق والطرائد:
أما الشواني: فكانت أعظمها شأنًا، وهي مراكب حربية كبيرة أقيمت فيها أبراج وقِلاع للدفاع والهجوم، وتكونت هذه الأبراج من عدة طبقات، تقف في الطبقة العليا منها العساكر المسلحة بالأقواس والسهام والحِراب، وفي الطبقة السفلى الملَّاحون بالمجاديف.
وأما الحراريق: فكانت أقلَّ حجمًا، وهي بمثابة ناقلات الجند والذخيرة، فكان يُحمل فيها المشاة المقاتلون فضلًا عن الذخيرة والبارود والنفط.