للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لك إلى أن تقول فيما هذا وصفه إنه نهي عن ضده إذا خُيِّر المأمور بينه وبين ضده" (١)

ولقائل أن يقول: محل التخيير لا وجوب فيه، فأين الأمر حتى يقال ليس نهيًا عن ضده؟ ومحل الوجوب لا تخيير فيه وهو نهي عن ضده. وما قاله القاضي عبد الوهاب من اشتراط التضييق لم يتضح لي وجهه، فإن الموسَّع إن لم يَصْدق عليه أنه واجب فأين الأمر حتى يستثنى من قولهم: الأمر بالشيء نهي عن ضده؟ وإن صدق عليه أنه واجب بمعنى أنه لا يجوز إخلاء الوقت عنه، فضده الذي يلزم من فعله تفويتُه منهِيٌّ عنه.

وحاصل هذا أنه (٢) إنْ صدق الأمر عليه انقدح كونه نهيًا عن ضده، وإلا فلا وجه لاستثنائه كما قلناه في المخيَّر.

الثانية: قال النقشواني: لو كان الأمر بالشيء نهيًا عن ضده للزم أن يكون الأمر للتكرار وللفور؛ لأن النهي كذلك (٣).

وأجاب القرافي: بأنَّ القاعدة أن أحكام الحقائق التي تثبت لها حالة الاستقلال لا يلزم أن تثبت لها حالة التبعية (٤).


(١) التلخيص ١/ ٤١٢.
(٢) سقطت من (ك).
(٣) التعليل كما في نفائس الأصول ٤/ ١٤٩٨: لأن النهي يجب أن يكون للتكرار، ومتى دام اجتناب الضد وجب دوام فعل الضد الآخر. . . ولأن الانتهاء عن المنهي عنه على الفور، فإذا وجب ترك الضد في الحال وجب فعل الضد الآخر في الحال؛ فيكون الأمر للفور لا للفور، وهو جمع بين النقيضين.
(٤) انظر: نفائس الأصول ٤/ ١٤٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>