للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الدليل الذي ذكروه عليه لا يثبت به مُدّعاهم؛ لأن التخيير بين الفعل والترك ليس في ضمن الوجوب، وإنما الذي في ضمن الوجوب رفع الحرج.

وإن أرادوا رَفْعَ حَرَجِ الفعل فلا ينبغي أن يُخَالَفوا في ذلك؛ فإنَّ الوجوب أخص منه، ولما ثبت بالإيجاب الأول ثبت به الأعم (الذي هو رفع الحرج ضرورة كونه ضِمْنَه، ثم ارتفاعه لا يوجب ارتفاع الأعم) (١) (٢).


(١) سقطت من (ت).
(٢) قال الشيخ المطيعي رحمه الله تعالى مفصِّلًا الأقوال في المسألة: "أقول موضوع هذه المسألة أن الشارع إذا أوجب شيئًا ثم نَسخَ وجوبه بدون أن يدل الناسخ على حكم آخر من الأحكام الباقية، فهل يبقى الجواز، بمعنى رفع الحرج؟ قال الأكثرون: نعم، وقال الغزالي: لا يبقى الجواز، بل يعود الأمر إلى ما كان عليه قبل الإيجاب من تحريم أو إباحةٍ أو براءةٍ أصلية.
ثم اختلف القائلون بأنه يبقى الجواز. فقال الأكثرون منهم - وهو الأصح الأشهر -: إذا نسخ الوجوب يبقى الجواز بمعنى رفع الحرج غير مقيَّد بالتخيير على السواء، ولا برجحان الفعل على الترك. ولا برجحان الترك على الفعل، فيحتمل أن يكون مباحًا، وأن يكون مندوبًا، وأن يكون مكروهًا أو خلاف الأولى.
وقال فريق منهم: يبقى الجواز بمعنى رفع الحرج عن الفعل مقيَّدًا بالتخيير على السواء، وهو الإباحة. وقال فريق ثالث منهم: يبقى الجواز بمعنى رفع الحرج عن الفعل والترك لا على السواء ولا مطلقًا، بل مع رجحان الفعل على الترك؛ فيكون مستحبًا. . . والفرق بين الأقوال الثلاثة المنسوبة إلى القائلين بأنه يبقى الجواز بمعنى رفع الحرج - أن قول الأكثر منهم وهو الأصح الأشهر يجعل الباقي بعد نسخ =

<<  <  ج: ص:  >  >>