للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَظ، أو في الآخرة ولا استقلال للعقل بها).

هذان فرعان على قاعدة الحسن والقبح، جرت عوائد الأصحاب بذكرهما بعد إبطال مذهب المعتزلة فيها؛ لشدة سخافة مذهب المعتزلة بالنسبة إليهما؛ ولهذا يقال: إنهما على التَّنزُّل، أي: الافتراض والتكلف (١) في النزول عن المذهب الحق الذي هو في الذروة إلى مذهبهم الباطل الذي هو في الحضيض.

الأول: شكر المنعم: غير واجب عقلًا خلافًا للمعتزلة وبعض الحنفية (٢)، وأما وجوبه شرعًا فمتفق عليه. والمراد بوجوب الشكر عقلًا: أنه يجب على المكلف تجنبُ المُسْتَقْبَحات العقلية، وفعل المستحسنات العقلية. كذا نقله بعض أصحابنا عنهم. قال صفي الدين الهندي (٣): "ولا


(١) في (ص): "والتكليف". وهو خطأ.
(٢) قال في فواتح الرحموت ١/ ٤٧: "قال الأشعرية (على التنزل شكر المنعم ليس بواجب عقلًا خلافًا للمعتزلة) ومعظم مشايخنا، وقد نَصَّ صدر الشريعة على أن شكر المنعم واجب عقلًا عندنا. وفي الكشف نقلًا عن القواطع: وذهب طائفة من أصحابنا إلى أن الحسن والقبح ضربان: ضرب يُعلم بالعقل كحسن العدل، والصدق النافع، وشكر النعمة، وقبح الظلم، والكذب الضار. ثم قال: وإليه ذهب كثير من أصحاب الإمام أبي حنيفة، خصوصًا العراقيين منهم، وهو مذهب المعتزلة بأسرهم".
(٣) هو محمد بن عبد الرحيم بن محمد، الشيخ صفيُّ الدين الهنديّ الأُرْمَوِيّ، أبو عبد الله الشافعيّ الأشعريّ. ولد سنة ٦٤٤ هـ. كان مِن أعلم الناس بمذهب الشيخ أبي الحسن الأشعريّ. من تصانيفه: "الزُّبْدة" في علم الكلام، و"النهاية" في أصول الفقه وهو حسنٌ جدًا، و"الفائق"، و"الرسالة السَّيفيَّة"، وكلاهما في أصول الفقه. توفي سنة ٧١٥ هـ. انظر: الطبقات الكبرى ٩/ ١٦٢، البداية والنهاية ١٤/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>