للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يقتضي ترغيبًا مع تحقق المقصود، ولا يقتضي دلالةً، بل يقتضي كونه طاعة بالأمر المتعلِّق. وذهب بعض مَنْ ينتمي إلى أهل الحق إلى أنَّ الأمر إنما (١) يقتضي الإيجاب على التحقيق إذا قارن حدوث الفعل، وإذا تقدم عليه فهو أمر إنذارٍ وإعلامٍ بحقيقة الوجوب عند الوقوع. وهذا باطل، والذي نختاره تحقق الوجوب قبل الحدوث، وفي حال الحدوث، وإنما تفترق الحالتان فيما قدمناه من الترغيب والاقتضاء والدلالة، فإن ذلك يتحقق قبل الفعل ولا يتحقق معه.

وزعمت القدرية بأسرها: أن الفعل في حال حدوثه يستحيل أن يكون مأمورًا به، ولا يتعلق به الأمر إلا قبل وجوده. ثم طردوا مذهبهم في جملة الأحكام الشرعية، فلم يَصِفوا كائنًا بحظر ولا وجوب ولا ندب، وإنما أثبتوا هذه الأحكام قبل تحقق الحدوث.

ثم افترقوا فيما بين أظهرهم:

فقال بعضهم: لا يصحّ تقدمُ الأمر على المأمور به بأكثر من وقت واحد (٢).

وصار الأكثرون منهم إلى جواز تقدمه عليه بأوقات (٣).

ثم الذين صاروا إلى هذا المذهب اختلفوا في أنه: هل يُشترط بقاء المكلَّف في الأوقات المتقدمة على حدوث المأمور به - على أوصاف


(١) سقطت من (ت).
(٢) يعني: فلا يصح أن يُؤمر بالعصر إلا في وقت الظهر، لا قبله.
(٣) أي: فيصح أن يؤمر بصلاة العشاء في وقت الفجر مثلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>