للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمعاصيه (١)، وأما قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} (٢) فمخصوصةٌ" (٣).

ولقائل أن يقول: لا مُشاحَحَة في المثال، ولا شك (٤) أنه تعالى أخبر عن أقوام أنهم لا يؤمنون من الآية التي ذكرها، وإن كانت مخصوصة، وذلك كافٍ في المثال، فإن أولئك الذين أخبر عنهم أنهم لا يؤمنون مأمورون بالإيمان إجماعًا، بل لِمنْ يشاحِح القرافي أن يقول: إخباره تعالى عن أبي لهب أنه سيصلى نارًا أقلُّ أحواله أن يكون صَلْيه إياها بمعاصٍ صدرت منه كما ذكرتم، والآية نزلت وهو كافر فيكون (٥)


(١) في (ك): "بمعاصيه".
(٢) سورة البقرة: الآية ٦.
(٣) انظر: نفائس الأصول ١/ ١٥٥٦ - ١٥٥٧. ونَصُّ عبارة القرافي رحمه الله تعالى هكذا: "لا نسلم أن الله تعالى أخبر عنه بأنه لا يؤمن، وإنما نتوهم ذلك في موضعين. أحدهما: قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}. وثانيهما: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}، ولا مستند فيهما: أما الأول: فلأن التب: هو الخسران، وقد يخسر الإنسان ويدخل النار وهو مؤمن بسبب معاصيه، فلا ينافي الآيةَ الإيمانُ. أما الآية الأخرى فقد دخلها التخصيص اتفاقًا، وآمن بعض مَنْ كان قد كفر قبل نزول هذه الآية، فإن قلنا: العام المخصوص ليس حجة - فلا كلام. وإن قلنا: هو حجة، فأبو لهب يجوز أن تكون الآية مخصوصة به أيضًا، وإنما الظاهر يتناوله، والوعيد القاطع؛ لحثه على الإيمان، وإذا اجتمع الظاهر والقاطع قُدِّم القاطع، فيؤمن ضرورة".
(٤) في (ك): "نشك".
(٥) في (ت): "ويكون".

<<  <  ج: ص:  >  >>