للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدل المصنف على الأول بدوران الألفاظ مع المعاني الذهنية؛ فإن من رأى شَبَحًا من بعيد واعتقده مثلًا حيوانًا مخصوصًا أطلق عليه اسم ذلك الحيوان. فإذا تغيَّر ذلك الاعتقاد باعتقاد آخر أطلق عليه بحسب ذلك الاعتقاد اسمًا آخر. وهذا الدليل (يدل أيضًا) (١) على بطلان القول بأنها موضوعة بإزاء الخارجية؛ (لأنها لو كانت موضوعة بإزاء المعاني الخارجية) (٢) لامتنع تسمية ذلك الشَّبَح بحيوان مخصوص، وقد عُرِف أن ذلك لا يمتنع مع عدم الشعور بكونه إنسانًا، ولكان يمتنع اختلاف الألفاظ عند عدم اختلاف الأمر الخارجي (٣).

وقد أجيب عن هذا الدليل: بأن هذا (٤) الاختلاف إنما هو لاعتقاد أنها في الخارج كذلك، (لا لمجرد اختلافها في الذهن) (٥) (٦).


(١) في (ص)، و (ك): "أيضًا يدل".
(٢) في (ت)، و (ك)، و (غ): "لأنها لو كانت موضوعة بإزائها".
(٣) المعنى: أنه لو كان الموضوع له هو المعاني الخارجية - لامتنع اختلاف الألفاظ عند عدم اختلاف الأمر الخارجي. وهذا كما هو في المثال الذي ضربه، فلو فُرض أن المعنى الخارجي هو إنسان، فرآه الرائي شبحًا عن بُعْدٍ، فظنه بقرة، فقال: هذه بقرة، ثم اقترب وظن أنه ظبي، فقال: هذا ظبي، ثم اقترب منه فقال: هذا إنسان. فلو أن الألفاظ كانت مرتبطة بالمعاني الخارجية - لامتنع الاختلاف في تسمية هذا الشبح؛ لأنه في الخارج واحد. ولَمَّا جاز ذلك دَلَّ على أن المعاني الذهنية هي المعتبرة، وهي التي تتعلق بها الألفاظ.
(٤) سقطت من (ت)، و (غ)، و (ك).
(٥) في (ت): "لا لمجرد اختلافها في الذهن، (من غير نظر إلى خصوصية ذهن) ". وهذه العبارة الزائدة تغني عنها التي قبلها، فلا حاجة لوضعها. وفي (غ) الزيادة هكذا: "من غير نظر".
(٦) هذا الجواب الذي أورده الشارح أورده سراج الدين الأرموي في التحصيل =

<<  <  ج: ص:  >  >>