للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الألفاظ المفردة، وانتسابُ بعضها إلى بعض بالنسبة المخصوصة، والحركات المختصة (١).

قال: (ولم يَثْبت تعيين الواضع، والشيخ زعم أنه تعالى وضعه ووقف


(١) المعنى: أن الغرض من وضع الألفاظ المفردة لمعانيها المفردة - هو التوصل بهذا الوضع إلى إفادة المعاني المركبة. لا يقال: إفادة المعاني المركبة موقوفة على الألفاظ المركبة، وأنها وضعت لتلك المعاني المركبة - فيلزم الدور هنا أيضًا؛ لأن إفادة الألفاظ المركبة لمعانيها المركبة متوقف على العلم بتلك المعاني المركبة، ضرورة أن العلم بالنسبة يقتضي العلم بالمنتسبَيْن، كما سبق بيانه في الألفاظ المفردة. لأنا نقول: إفادة المعاني المركبة ليس متوقفًا على الألفاظ المركبة، بل على الألفاظ المفردة، وأنها وضعت لمعانيها المفردة، والعلم بانتساب تلك الألفاظ المفردة بعضها إلى بعض بالنسب المخصوصة، والحركات المختصة لكل لفظ، فهذا نسبته إلى الغير أنه فاعل، والآخر مفعول، وحركة هذا الرفع، وذاك النصب، وهكذا. قال الإمام في المحصول ١/ ق ١/ ٢٦٩: "لا نسلم أن الألفاظ المركبة لا تفيد مدلولها إلا عند العلم بكون تلك الألفاظ المركبة موضوعة لذلك المدلول (أي: ذلك المعنى).
بيانه: أنا متى علمنا كون كلِّ واحدٍ من تلك الألفاظ المفردة موضوعًا لتلك المعاني المفردة، وعلمنا أيضًا كون حركات تلك الألفاظ دالة على النسب المخصوصة لتلك المعاني، فإذا توالت الألفاظ المفردة بحركاتها المخصوصة على السمع - ارتسمت تلك المعاني المفردة مع نسبة بعضها إلى بعضٍ في الذهن. ومتى حصلت المفردات مع نسبها المخصوصة في الذهن - حصل العلم بالمعاني المركبة لا محالة. فظهر أن استفادة العلم بالمعاني المركبة لا تتوقف على العلم بكون تلك الألفاظ المركبة موضوعة لها، والله أعلم".
وقد اختصر الإسنوى جواب الإمام بقوله: "وأجاب في المحصول: بأنا لا نسلم أن إفادة المركب لمدلوله متوقفة على العلم بكون موضوعًا له (أي: لمدلوله)، بل على العلم بكون الألفاظ المفردة موضوعةً للمعاني المفردة، وعلى كون الحركات المخصوصة كالرفع وغيره دالةً على المعاني المخصوصة". نهاية السول ٢/ ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>