للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه إما أن يكون بالوحي، أو بخلق علم ضروري في عاقل أو في غير عاقل، والكل باطل.

أما الأول: فلاقتضائه تقدم البعثة (على اللغة) (١) وهي متأخرة عنها؛ لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} (٢).

وأما الثاني: فلأنه اقتضى أن لا يكون ذلك العاقل مكلَّفًا؛ لأنه إذا علم بالضرورة أنه تعالى وضع ذلك اللفظ لذلك المعنى - فلا بد وأن يعرف الله تعالى ضرورةً، وإذا عَرَفه ضَرورةً لم يكن مكلَّفًا بالمعرفة لحصولها.

وأما الثالث: فبعيد جدًا أن يصير غير العاقل عالمًا بهذه الكيفيات العجيبة.

والجواب: أنه يجوز أن يكون الله تعالى ألهم العاقل بأنَّ واضعًا ما وضع هذه الألفاظ بإزاء هذه المعاني، لا أن الله تعالى هو الواضع حتى يلزم عدم التكليف. ولو سلَّمنا ما ذكرتم فإنما يلزم رفع التكليف بالمعرفة لا رفع التكليف مطلقًا (٣).

وهذا الجواب ضعيف؛ لأن معرفة الله تعالى واجبة قطعًا، والتوقيف بخلق العلم الضروري مستبعد؛ لكونه خلاف المعتاد، فالأولى في الجواب أن يقال: إنه حصل بطريق الوحي، ولا (٤) يلزم ما ذكره؛ لأن الآية وإنْ دلت


(١) سقطت من (ت).
(٢) سورة إبراهيم: الآية ٤.
(٣) سقطت من (ت).
(٤) في (ك): "فلا".

<<  <  ج: ص:  >  >>