للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: وإليه أشار بقوله: "ومتواطئ" (١) إلى قوله: "تفاوت"، أن الكلي إما متواطئ أو مشكِّك؛ لأنه إنْ كان حصول معناه في أفراده الذهنية والخارجية على السوية كالإنسان؛ إذ كل فرد من الأفراد لا يزيد على الآخر في الإنسانية - فهو المتواطئ. وإن لم يكن على السوية بل كان في بعض أفراده أقدم أو أولى أو أشد - فهو المشكِّك، وسُمِّي بذلك؛ لكونه يشكِّك الناظرَ هل هو متواطئ لوَحْدة الحقيقة فيه، أو مُشْتَرك لما بينهما من الاختلاف، وذلك كالبياض الذي هو في الثلج أشَدُّ منه في العاج (٢)، وكالوجود فإن معناه واحد في أشياء كثيرة مع اختلافه في تلك الأشياء؛ فإنَّ وجود الجوهر (٣) أقدمُ من وجود


(١) في (غ): "متواطئ".
(٢) العاج: أنياب الفيل. وفي المصباح ٢/ ٨٧: والعاج أنياب الفيل، قال الليث: ولا يسمى غير الناب عاجًا، والعاج ظهر السلحفاة البحرية، وعليه يُحْمل أنه كان لفاطمة رضي الله عنها سِوارٌ مِنْ عاج، ولا يجوز حمله على أنياب الفيلة، لأن أنيابها ميتة بخلاف السلحفاة، والحديث حجة لمن يقول بالطهارة. اهـ وقد نقلتُ ما في المصباح لمزيد الفائدة.
(٣) تنقسم الموجودات إلى جواهر وأعراض: فالجوهر: هو ما يقوم بذاته. أي: لا يحتاج في وجوده إلى شيء آخر يقوم فيه، كالأجسام، والأرواح، وكل ما له وجود مستقل قائم بنفسه. وينقسم الجوهر إلى قسمين: القسم الأول: الجوهر الفَرْد: وهو الموجود الذي لا يقبل التجزئة، لا في الواقع ولا في التصور. وهو في الحوادث الجزأ الذي لا يتجزأ. القسم الثاني: الجسم: وهو الموجود المركب من جوهرين فردين فأكثر، ويقبل التجزية ولو في التصور. وأما العَرَض: فهو ما يقوم بغيره. أي: لا يوجد إلا صفةً من صفات الجوهر، وتابعًا وجوده لوجوده، كالألوان، وهيئات الأجسام وأوضاعها، والحركة والسكون، ونحو ذلك. ومن العَرَض ما هو مختص بالحيّ: =

<<  <  ج: ص:  >  >>