للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم زوَّجه والدُه بابنة عمه، وعُمْره خمسَ عشرةَ سنة، وألزمها أن لا تحدِّثه في شيءٍ من أمر نفسها، وكذلك ألزمه والدها، وهو عمه الشيخ صدر الدين (١)، فاستمرت معه، ووالده ووالدها يقومان بأمرهما، وهو لا يراها إلا وقت النوم، وصَحِبَتْه مدة، ثم إن والدها بلَغه أنها طالبته بشيءٍ من أمر الدنيا، فطلبه وحلف عليه بالطلاق ليُطلِّقَها، فطلَّقها.

فانظر إلى اعتناء والده وعمِّه بأمره، وكان ذلك خوفًا منهما أن يشتغل بالُه بشيءٍ غير العلم.

ثم إنه دخل القاهرة مع والده، وعَرَض محافيظ حفظها: "التنبيه"، وغيره - على ابن بنت الأَعَزّ (٢) وغيره. وقيل: إن والده دخل به إلى شيخ الإسلام تقي الدين بن دقيق العيد، وعرض عليه "التنبيه"، وإن الشيخ تقي الدين قال لوالده رحمه الله: رُدَّ به إلى البر، إلى أن يصير فاضلًا عُدْ به إلى القاهرة، فردَّ به إلى البر.

قال الوالد رحمه الله: فلم أَعُد إلا بعد وفاة الشيخ تقي الدين، ففاتني مجالسته في العلم.


(١) هو يحيى بن علي بن تمام بن يوسف السبكي، القاضي صدر الدين أبو زكريا. برع في الفقه وأصوله، وتولى قضاء بعض البلاد المصرية، ثم دَرَّس بالمدرسة السَّيْفِيَّة بالقاهرة، واستمر بها إلى حين وفاته. توفي سنة ٧٢٥ هـ، ودفن بالقرافة. انظر: الطبقات الكبرى ١٠/ ٣٩١، الدرر ٤/ ٤٢٢.
(٢) هو أحمد بن عبد الوهاب بن خَلَف العَلامِيُّ البَصْريُّ، علاء الدين بن بنت الأعز. كان فقيهًا أديبًا، رئيسًا، وله شعر كثير. توفي سنة ٦٩٩ هـ.
انظر: الطبقات الكبرى ٨/ ٢٣، شذرات ٥/ ٤٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>