للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن يكون مؤكِّدًا للجملة: كإنَّ، نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} (١)، ولام الابتداء، والجملة القَسَمية (٢).

قال: (وجوازه ضروري ووقوعه في اللغات معلوم).

أنكر بعض الملاحدة التوكيد والخلاف معه: إما في الجواز وهو ضروري، أو في الوقوع. ومَن استقرأ لغةَ العرب وجدها مشحونة به, وله فوائد تُعْرف مِنْ تتبع خواصِّ تراكيب الكلام، وأدناها بُعْدُ احتمال المجاز أو نفيُه، فإنك إذا قلت: قام زيدٌ - احتمل أن تريدَ غلامَه مجازًا، فإذا قلت: نَفْسُه - فإن لم يقتض ذلك انتفاءَ احتمال المجاز فلا أقلَّ من اقتضائه صيرورة (٣) هذا الاحتمال (٤) مرجوحًا ضعيفًا؛ ولذلك نقول: زيد قائم لمن يكتفي بهذا الخبر. فإذا أردت أن تُقَرِّر عنده ذلك لم تجد بُدًّا من التأكيد بإنَّ، فتقول: إن زيدًا قائم. فإذا توهمت منه نكيرًا لم تَلْفَ غِنىً عن زيادة اللام فتقول: إن زيدًا لقائمٌ. ولذلك قال بعض أصحابنا: إذا قال: استأجرتك لكذا، أو لتفعل (٥) كذا - لم يكن الحاصل به إجارةُ عينٍ بل ذمة، وإن اقتضى ذلك الإضافةَ إلى المخاطَب (٦)، وأنه لا


(١) سورة الأحزاب: الآية ٥٦.
(٢) انظر التأكيد اللفظي والمعنوي في: شرح ابن عقيل على الألفية ٢/ ٢٠٦.
(٣) في (ت)، و (ص)، و (ك): "ضرورة".
(٤) وهو كون المراد بزيد غلامه.
(٥) في (غ): "لفعل".
(٦) مثل أن يقول له: استأجرتك على خياطة ثوب، أو بناء بيت، أو إصلاح سيارة. فهذه إجارات في الذمة، أي: في ذمة المخاطَب أن يقوم بها، لا أن ذاته تكون =

<<  <  ج: ص:  >  >>