للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن عجيب أمره أنه إذا استعصى (١) عليه شيء من السّباع دعا الأسد فأجابه إجابة المملوك لمالكه، ثم أمره فربض بين يديه فيبول في أذنه، فإذا رأت السباع ذلك أذعنت للبَبْر بالطاعة والخضوع؟

ومن علَّم الثعلب إذا اشتد به الجوع أن يستلقي على ظهره، ويختلس (٢) نفسه إلى داخل بدنه حتى ينتفخ، فيظن الطير (٣) أنه ميتة، فيقع عليه، فيثب على من انقضى عمره منها؟

ومن علَّمه إذا أصابه صدع أو جرح أن يأتي إلى صبغ معروف، فيأخذ منه ويضعه على جرحه كالمرهم؟

ومن علَّم الدب إذا أصابه كَلْم أن يأتي إلى نبت قد عرفه، وجهله صاحب الحشائش، فيتداوى به فيبرأ؟

ومن علّم الأنثى من الفيلة إذا دنا وقت ولادها أن تأتي إلى الماء فتلده فيه؛ لأنها ــ دون سائر الحيوانات ــ لا تلد إلا قائمة؛ لأن أوصالها على خلاف أوصال الحيوان (٤)، وهي عالية، فتخاف أن تُسْقِطه على الأرض فيتصدّع أو ينشق، فتأتي إلى ماء وسط تضعه فيه، يكون كالفراش الليّن، والوِطَاء الناعم؟

ومن علَّم الذباب إذا سقط في مائع أن يتقي بالجناح الذي فيه الداء دون الآخر؟


(١) في الأصول: "عصى"، تحريف، والصواب المثبت.
(٢) هكذا رسمت في "د" "م": "ويختلس" مهملة، والاختلاس استلاب الشيء.
(٣) "د": "الظان".
(٤) في "حياة الحيوان" للدميري (٢/ ٣٠٩): "ولا فواصل لقوائمها".