للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: "وقني شرَّ ما قضيت" يتضمن أن الشرّ بقضائه، وأنه هو الذي يقي منه.

وفي "المسند" (١) وغيره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ بن جبل: "يا معاذ، والله إني لأحبك، فلا تنس أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أَعِنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"، وهذه أفعال اختيارية، وقد سأل الله أن يعينه على فعلها.

وهذا الطلب لا معنى له عند القدرية؛ فإن الإعانة عندهم: الإقدار، والتمكين، وإزاحة الأعذار، وسلامة الآلة، وهذا حاصل للسائل وللكفار أيضًا، والإعانة التي سألها أن يجعله ذاكرًا له، شاكرًا، محسنًا لعبادته، كما في حديث ابن عباس عنه - صلى الله عليه وسلم - في دعائه المشهور: "رب، أعنِّي ولا تعن عليَّ، وانصرني ولا تنصر عليّ، وامكر لي ولا تمكر عليّ، واهدني ويسّر الهدى لي، وانصرني على من بغى علي (٢)، رب اجعلني لك شكّارًا، لك ذكّارًا، لك رهّابًا، لك مِطْواعًا، لك مُخْبِتًا، إليك أوّاهًا منيبًا، رب، تقبل توبتي، واغسل حَوْبتي، وأجب دعوتي، وثبّت حجّتي، واهد قلبي، وسدّد لساني، واسلل سَخِيمة صدري" رواه الإمام أحمد في "المسند"، والترمذي وقال: "حديث حسن صحيح" (٣)، وفيه أحد وعشرون دليلًا، فتأملها.


(١) برقم (٢٢١١٩)، وأخرجه أبو داود (١٥٢٢)، والنسائي (١٣٠٣)، وصححه ابن خزيمة (٧٥١)، وابن حبان (٢٠٢٠).
(٢) من قوله: "واهدني" إلى هنا ساقط من "د".
(٣) تقدم تخريجه في (١٩١).