للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن من حق الله على عبده أن يعبده لا يشرك به شيئًا، وأن يذكره ولا ينساه، وأن يشكره ولا يكفره، وأن يرضى به ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا، وليس الرضا بذلك مجرد إطلاق هذا اللفظ، وحاله وإرادته تكذبه وتخالفه، فكيف يرضى به ربًّا مَنْ يتسخّط ما يقضيه له إذا لم يكن موافقًا لإرادته وهواه، فيظل ساخطًا به مُتبَرِّمًا، يرضى وربه غضبان، ويغضب وربّه راض، فهذا إنما رضي بحظه من ربه حظَّ [من] لم يرض (١) بالله ربًّا.

وكيف يدّعي الرضا بالإسلام دينًا مَنْ ينبذ أصوله خلف ظهره إذا خالفت بدعته وهواه، وفروعه وراءه إذا لم توافق غرضه وشهوته؟!

وكيف يصح الرضا بمحمد رسولًا لمن لم يحكّمه على ظاهره وباطنه، ويتلقَّ أصول دينه وفروعه من مشكاته وحده؟!

وكيف يرضى به رسولًا من يترك ما جاء به لقول غيره، ولا يترك قول غيره لقوله، ولا يحكّمه ويحتج بقوله إلا إذا وافق تقليده ومذهبه، فإذا خالفه لم يلتفت إلى قوله؟!

والمقصود أن من حقه سبحانه على كل أحد من عبيده أن يرضى به ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا، وأن يكون حبه كله لله، وبغضه في الله، وقوله لله، وفعله لله، وتركه لله، وأن يذكره ولا ينساه، ويطيعه ولا يعصيه، ويشكره ولا يكفره.

وإذا قام بذلك كله كانت نعم الله عليه أكثر من عمله، بل ذلك نفسه من


(١) في الأصول: "حظا لم يرض"، ولا يستقيم، والمثبت مع ما زدته هو الصواب إنْ شاء الله.