للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى عن مجاهد والضحاك: ليس من جهالته (١) أن لا يعلم حلالًا ولا حرامًا، ولكن من جهالته حين دخل فيه.

وقال عكرمة: الدنيا كلها جهالة (٢).

ومما يبين ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨]، وكل من خشيه فأطاعه بفعل أوامره وترك مناهيه فهو عالم، كما قال تعالى: {(٨) أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩].

وقال رجل للشعبي: أيها العالم، فقال: «لسنا بعلماء، إنما العالم من يخشى الله» (٣).

وقال ابن مسعود: «كفى بخشية الله علمًا، وبالاغترار بالله جهلًا» (٤).

وقوله: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} يقتضي الحصر من الطرفين: أي لا يخشاه إلا العلماء، ولا يكون عالمًا إلا مَن (٥) يخشاه، فلا يخشاه إلا عالم، وما من عالم إلا وهو يخشاه، فإذا انتفى العلم انتفت الخشية، وإذا انتفت الخشية دلت على انتفاء العلم.


(١) «د» «م»: «جهالة»، والمثبت من «ج» موافق لما في مصدر القول.
(٢) انظر: «تفسير ابن أبي حاتم» (٣/ ٨٩٧ - ٨٩٨) (٤/ ١٣٠١)، «جامع البيان» (٦/ ٥٠٧ - ٥١٠).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٦٨١٨)، والدارمي (٢٦٤).
(٤) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٤٦)، وابن أبي شيبة (٣٥٦٧٤).
(٥) «من» من «ج».