للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقوله طوائف الاتحادية؟

قلت: هذا يتبين بـ

الوجه السادس عشر: وهو أن المراد إما أن يراد لنوعه أو لعينه، فالأول كإرادة العطشان والجائع والعاري لنوع الشراب والطعام واللباس، فإنه إنما يريد النوع، وحيث أراد العين فهو القدر المشترك بين أفراده، وذلك القدر المشترك كُلِّي، لا وجود له في الخارج، فيستحيل أن يراد لذاته؛ إذ المراد لذاته لا يكون إلا معيّنًا، ويستحيل أن يوجد في اثنين؛ فإنّ إرادة كل واحد منهما لذاته تنافي إرادته لذاته، إذ المعنى بإرادته لذاته أنه وحده هو المراد لذاته الخاصة، وهذا يمنع أن يراد معه ثان لذاته.

وإذا عُرِف ذلك، فلو كان القدر المشترك بين أفراد النوع، أو بين الاثنين هو المراد لذاته؛ لزم أن يكون ما يختص به أحدهما (١) ليس مرادًا لذاته، وكذلك ما يختص به الآخر، والموجود في الخارج إنما هو الذات المختصة لا الكُلِّي المشترك، [فلو] (٢) تعلّق التألّه بالقدر المشترك لم يكن للخلق في الخارج إله، ولكان إلههم أمرًا ذهنيًا وجوده في الأذهان لا في الأعيان.

وهذا هو الذي تألهه طوائف أهل الوحدة والجهمية، الذين أنكروا أن يكون الله تعالى خارج العالم ولا داخله، فإن هذا إنما هو إله مفروض يفرضه الذهن كما يفرض سائر الممتنعات [في] (٣) الخارج، ويظنه واجب الوجود،


(١) «د»: «أحدها»، والمثبت من «درء التعارض» (٨/ ٤٦٦).
(٢) بياض في «د»، والمثبت من «ت».
(٣) «في» من «ت».