١١١٣ - وَعَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: «أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعِي ابْنِي، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْت: ابْنِي وَأَشْهَدُ بِهِ، فَقَالَ: أَمَا إنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْك، وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ». رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْجَارُودِ.
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَذَهَبَ الْهَادَوِيَّةُ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ أَنَّهَا عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَاسْتَدَلَّ لَهُ فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ: لِقَوْلِ عَلِيٍّ بِهِ، وَهُوَ تَوْقِيفٌ انْتَهَى. إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَطَّرِدْ هَذَا فِيمَا يَنْقُلُهُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَلْ تَارَةً يَقُولُ مِثْلَ هَذَا وَتَارَةً يَقُولُ إنَّ قَوْلَ عَلِيٍّ اجْتِهَادٌ، وَلَا يَلْزَمُنَا وَدَعْوَى التَّوْقِيفِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ إذْ مِثْلُ هَذَا فِيهِ لِلِاجْتِهَادِ مَسْرَحٌ.
(وَعَنْ أَبِي رِمْثَةَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ اسْمُهُ رِفَاعَةُ بْنُ يَثْرِبِيٍّ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ فَرَاءٍ فَمُوَحَّدَةٍ فَيَاءِ النِّسْبَةِ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْكُوفَةِ (قَالَ «أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعِي ابْنِي، فَقَالَ مَنْ هَذَا؟ فَقُلْت ابْنِي وَأَشْهَدُ بِهِ قَالَ: أَمَا إنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْك، وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ». رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْجَارُودِ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ أَنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ «لَا يَجْنِي جَانٍ إلَّا عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا يَجْنِي جَانٍ عَلَى وَلَدِهِ». وَفِي الْبَابِ رِوَايَاتٌ أُخَرُ تُعَضِّدُهُ.
وَالْجِنَايَةُ الذَّنْبُ، أَوْ مَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ مِمَّا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْعِقَابَ، أَوْ الْقِصَاصَ.
وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ أَحَدٌ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا كَالْأَبِ وَالْوَلَدِ وَغَيْرِهِمَا، أَوْ أَجْنَبِيًّا فَالْجَانِي يُطْلَبُ وَحْدَهُ بِجِنَايَتِهِ، وَلَا يُطَالَبُ بِجِنَايَتِهِ غَيْرُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، فَإِنْ قُلْت قَدْ أَمَرَ الشَّارِعُ بِتَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ فِي جِنَايَةِ الْخَطَإِ وَالْقَسَامَةِ.
قُلْت: هَذَا مُخَصَّصٌ مِنْ الْحُكْمِ الْعَامِّ وَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ تَحَمُّلِ الْجِنَايَةِ بَلْ مِنْ بَابِ التَّعَاضُدِ وَالتَّنَاصُرِ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
بَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ
الْقَسَامَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ مَصْدَرُ أَقْسَمَ قَسَمًا وَقَسَامَةً. وَهِيَ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ إذَا ادَّعَوْا الدَّمَ، أَوْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ الدَّمُ. وَخُصَّ الْقَسَمُ عَلَى الدَّمِ بِالْقَسَامَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute