١١٢٧ - وَعَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَقَعُ فِيهِ، فَيَنْهَاهَا، فَلَا تَنْتَهِي، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ أَخَذَ الْمِعْوَلَ، فَجَعَلَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: أَلَا اشْهَدُوا، فَإِنَّ دَمَهَا هَدَرٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ
حِينَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْيَمَنِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَيُّمَا رَجُلٍ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ فَادْعُهُ، فَإِنْ عَادَ وَإِلَّا فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ ارْتَدَّتْ عَنْ الْإِسْلَامِ فَادْعُهَا، فَإِنْ عَادَتْ وَإِلَّا فَاضْرِبْ عُنُقَهَا» وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَهُوَ نَصٌّ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّهَا لَا تُقْتَلُ الْمَرْأَةُ إذَا ارْتَدَّتْ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ قَدْ «وَرَدَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ لَمَّا رَأَى امْرَأَةً مَقْتُولَةً، وَقَالَ مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ». رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ عَنْ قَتْلِ الْكَافِرَةِ الْأَصْلِيَّةِ كَمَا وَقَعَ فِي سِيَاقِ قِصَّةِ النَّهْيِ فَيَكُونُ النَّهْيُ مَخْصُوصًا بِمَا فُهِمَ مِنْ الْعِلَّةِ، وَهُوَ لَمَّا كَانَتْ لَا تُقَاتِلُ فَالنَّهْيُ عَنْ قَتْلِهَا إنَّمَا هُوَ لِتَرْكِهَا الْمُقَاتَلَةَ فَكَانَ ذَلِكَ فِي دِينِ الْكُفَّارِ الْأَصْلِيِّينَ الْمُتَحَزَّبِينَ لِلْقِتَالِ وَبَقِيَ عُمُومُ قَوْلِهِ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ وَأَيَّدَتْهُ الْأَدِلَّةُ الَّتِي سَلَفَتْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ إطْلَاقُ التَّبْدِيلِ فَيَشْمَلُ مَنْ تَنَصَّرَ بَعْدَ أَنْ كَانَ يَهُودِيًّا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَدْيَانِ الْكُفْرِيَّةِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَتْ الشَّافِعِيَّةُ وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْأَدْيَانِ الَّتِي تُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ أَمْ لَا لِإِطْلَاقِ هَذَا اللَّفْظِ وَخَالَفَتْ الْحَنَفِيَّةُ فِي ذَلِكَ، وَقَالُوا لَيْسَ الْمُرَادُ إلَّا تَبْدِيلَ الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ. قَالُوا: وَإِطْلَاقُ الْحَدِيثِ مَتْرُوكٌ اتِّفَاقًا فِي حَقِّ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ مَعَ تَنَاوُلِ الْإِطْلَاقِ لَهُ وَبِأَنَّ الْكُفْرَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَالْمُرَادُ مَنْ بَدَّلَ دِينَ الْإِسْلَامِ بِدِينٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ خَالَفَ دِينُهُ دِينَ الْإِسْلَامِ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ» فَصَرَّحَ بِدِينِ الْإِسْلَامِ.
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَقَعُ فِيهِ فَيَنْهَاهَا، فَلَا تَنْتَهِي فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ أَخَذَ الْمِعْوَلَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَفَتْحِ الْوَاوِ فَجَعَلَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ أَلَا اشْهَدُوا، فَإِنَّ دَمَهَا هَدَرٌ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ).
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُهْدَرُ دَمُهُ، فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا كَانَ سَبُّهُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رِدَّةً فَيُقْتَلُ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِتَابَةٍ وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ أَنَّهُ يُسْتَتَابُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute