كِتَابُ الْجِهَادِ
١١٧٧ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِهِ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
يَجِبُ عَلَى النَّفْسِ إنْ قَصَدَهَا كَافِرٌ لَا إذَا قَصَدَهَا مُسْلِمٌ فَلَا يَجِبُ لِمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، وَصَحَّ أَنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنَعَ عَبِيدَهُ أَنْ يَدْفَعُوا عَنْهُ وَكَانُوا أَرْبَعَمِائَةٍ وَقَالَ: مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ حُرٌّ، قَالُوا: وَخَالَفَ الْمُضْطَرُّ فَإِنَّ فِي الْقَتْلِ شَهَادَةً بِخِلَافِ تَرْكِ الْأَكْلِ وَهَلْ تَرْكُ الدِّفَاعِ عَنْ قَتْلِ النَّفْسِ مُبَاحٌ أَوْ مَنْدُوبٌ؟ فِيهِ خِلَافٌ.
(كِتَابُ الْجِهَادِ) الْجِهَادُ مَصْدَرُ جَاهَدْت جِهَادًا أَيْ بَلَغْت الْمَشَقَّةَ، هَذَا مَعْنَاهُ لُغَةً وَفِي الشَّرْعِ بَذْلُ الْجَهْدِ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ أَوْ الْبُغَاةِ.
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِهِ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْعَزْمِ عَلَى الْجِهَادِ وَأَلْحَقُوا بِهِ فِعْلَ كُلِّ وَاجِبٍ، قَالُوا: فَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ الْمُطْلَقَةِ كَالْجِهَادِ وَجَبَ الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِهِ عِنْدَ إمْكَانِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ الْمُؤَقَّتَةِ وَجَبَ الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِهِ عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْأُصُولِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْحَدِيثِ هُنَا أَنَّ مَنْ لَمْ يَغْزُ بِالْفِعْلِ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِالْغَزْوِ مَاتَ عَلَى خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِ النِّفَاقِ فَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْعَزْمِ الَّذِي مَعْنَاهُ عَقْدُ النِّيَّةِ عَلَى الْفِعْلِ بَلْ مَعْنَاهُ هُنَا: لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ أَنْ يَغْزُوَ وَلَا حَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ وَلَوْ سَاعَةً مِنْ عُمْرِهِ وَلَوْ حَدَّثَهَا بِهِ وَأَخْطَرَ الْخُرُوجَ لِلْغَزْوِ بِبَالِهِ حِينًا مِنْ الْأَحْيَانِ خَرَجَ مِنْ الِاتِّصَافِ بِخَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِ النِّفَاقِ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ " أَيْ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ شَيْءٌ مِنْ الْأُمُورِ، وَحَدِيثُ النَّفْسِ غَيْرُ الْعَزْمِ وَعَقْدِ النِّيَّةِ وَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِفِعْلِ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ فِعْلِهَا أَنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ عُقُوبَةُ مَنْ لَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِهَا أَصْلًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute