. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلَى التَّرْجِيحِ. وَحَدِيثُ عَدِيٍّ أَرْجَحُ لِأَنَّهُ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَمُتَأَيَّدٌ بِالْآيَةِ وَقَدْ صُرِّحَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ يَخَافُ أَنَّهُ إنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ فَيُتْرَكُ تَرْجِيحًا لِجَنَبَةِ الْحَظْرِ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ " وَإِنْ وَجَدْت مَعَ كَلْبِك كَلْبًا آخَرَ - إلَى قَوْلِهِ - فَلَا تَأْكُلْ " فَإِنَّهُ نَهَى عَنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِيهِ كَلْبٌ آخَرُ غَيْرُ الْمُرْسَلِ فَيَتْرُكُهُ تَرْجِيحًا لِجَنَبَةِ الْحَظْرِ وَقَوْلُهُ «فَإِنْ غَابَ عَنْك يَوْمًا فَلَمْ تَجِدْ فِيهِ إلَّا أَثَرَ سَهْمِك فَكُلْهُ إنْ شِئْت» اخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ فِي هَذَا.
فَرُوِيَ عَنْ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ فِي الَّذِي يُدْرِكُ صَيْدَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلْ مَا لَمْ يَنْتُنْ» وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِهِ أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا رَمَيْت بِسَهْمِك فَغَابَ عَنْك مَصْرَعُهُ فَكُلْ مَا لَمْ يَبِتْ» وَلِاخْتِلَافِهَا اخْتَلَفَتْ الْعُلَمَاءُ. فَقَالَ مَالِكٌ: إذَا غَابَ عَنْك مَصْرَعُهُ ثُمَّ وُجِدَ بِهِ أَثَرٌ مِنْ الْكَلْبِ فَإِنَّهُ يَأْكُلُهُ مَا لَمْ يَبِتْ فَإِذَا بَاتَ كُرِهَ، وَفِيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ، وَالتَّعْلِيلُ بِمَا لَمْ يَنْتُنْ وَمَا لَمْ يَبِتْ هُوَ النَّصُّ وَيُحْمَلُ ذِكْرُ الْأَوْقَاتِ عَلَى التَّقْيِيدِ بِهِ وَتَرْكُ الْأَكْلِ لِلِاحْتِيَاطِ وَتَرْجِيحِ جَنَبَةِ الْحَظْرِ وَقَوْلُهُ «وَإِنْ وَجَدْته غَرِيقًا فَلَا تَأْكُلْ» ظَاهِرُهُ وَإِنْ وُجِدَ بِهِ أَثَرُ السَّهْمِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهُ مَا مَاتَ إلَّا بِالْغَرَقِ
(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) الْحَدِيثُ نَصٌّ فِي صَيْدِ الْكَلْبِ وَاخْتُلِفَ فِيمَا يُعَلَّمُ مِنْ غَيْرِهِ كَالْفَهْدِ وَالنَّمِرِ وَمِنْ الطُّيُورِ كَالْبَازِي وَالشَّاهِينِ وَغَيْرِهِمَا فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إلَى أَنَّهُ يَحِلُّ صَيْدُ كُلِّ مَا قَبْلَ التَّعْلِيمِ حَتَّى السِّنَّوْرُ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مُجَاهِدٌ لَا يَحِلُّ إلَّا صَيْدُ الْكَلْبِ، وَأَمَّا مَا صَادَهُ غَيْرُ الْكَلْبِ فَيُشْتَرَطُ إدْرَاكُ ذَكَاتِهِ وقَوْله تَعَالَى: {مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} دَلِيلٌ لِلثَّانِي بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْكَلْبِ بِسُكُونِ اللَّامِ فَلَا يَشْمَلُ غَيْرَهُ مِنْ الْجَوَارِحِ وَلَكِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْكَلَبِ بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّكْلِيبِ وَهُوَ التَّضْرِيَةُ فَيَشْمَلُ الْجَوَارِحَ كُلَّهَا وَالْمُرَادُ بِالْجَوَارِحِ هُنَا الْكَوَاسِبُ عَلَى أَهْلِهَا وَهُوَ عَامٌّ. قَالَ فِي الْكَشَّافِ: الْجَوَارِحُ الْكَوَاسِبُ مِنْ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ وَالطَّيْرِ وَالْكَلْبِ وَالْفَهْدِ وَالنَّمِرِ وَالْعُقَابِ وَالْبَازِي وَالصَّقْرِ وَالشَّاهِينِ وَالْمُرَادُ بِالْمُكَلِّبِ مُعَلِّمُ الْجَوَارِحِ وَمُضِرَّاهَا بِالصَّيْدِ لِصَاحِبِهَا وَرَائِضُهَا لِذَلِكَ بِمَا عَلِمَ مِنْ الْحِيَلِ وَطُرُقِ التَّأْدِيبِ وَالتَّثْقِيفِ وَاشْتِقَاقِهِ مِنْ الْكَلَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute