للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٦٨ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الْعَدُوِّ، وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

أَعُوذُ بِك مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِك وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِك وَفَجْأَةِ نِقْمَتِك وَجَمِيعِ سَخَطِك» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ) الْفَجْأَةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ مَقْصُورٌ وَبِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمَدِّ وَهِيَ الْبَغْتَةُ وَزَوَالُ النِّعْمَةِ لَا يَكُونُ مِنْهُ تَعَالَى إلَّا بِذَنْبٍ يُصِيبُهُ الْعَبْدُ فَالِاسْتِعَاذَةُ مِنْ الذَّنْبِ فِي الْحَقِيقَةِ كَأَنَّهُ قَالَ: نَعُوذُ بِك مِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا وَهُوَ تَعْلِيمُ الْعِبَادِ، وَتَحَوُّلُ الْعَافِيَةِ انْتِقَالُهَا وَلَا يَكُونُ إلَّا بِحُصُولِ ضِدِّهَا وَهُوَ الْمَرَضُ.

(وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الْعَدُوِّ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ) غَلَبَةُ الدَّيْنِ مَا يَغْلِبُ الْمَدِينَ قَضَاؤُهُ. وَلَا يُنَافِي الِاسْتِعَاذَةَ كَوْنُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَدَانَ وَمَاتَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ فِي شَيْءٍ مِنْ شَعِيرٍ فَإِنَّ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ الْغَلَبَةِ بِحَيْثُ لَا يُقْدَرُ عَلَى قَضَائِهِ. وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمَدِينِ حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا يَكْرَهُ اللَّهُ، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ مَرْفُوعًا؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا لَا غَلَبَةَ فِيهِ فَمَنْ اسْتَدَانَ دَيْنًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَضَائِهِ فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا وَفِيهِ وَرَدَ حَدِيثُ «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّاهَا اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ.

وَلِذَا اسْتَعَاذَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَغْرَمِ وَهُوَ الدَّيْنُ، وَلَمَّا سَأَلَتْهُ عَائِشَةُ عَنْ وَجْهِ إكْثَارِهِ مِنْ الِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ قَالَ: «إنَّ الرَّجُلَ إذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ» فَالْمُسْتَدِينُ يَتَعَرَّضُ لِهَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ. وَأَمَّا غَلَبَةُ الْعَدُوِّ أَيْ بِالْبَاطِلِ لِأَنَّ الْعَدُوَّ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا يُعَادِي فِي أَمْرٍ بَاطِلٍ، إمَّا لِأَمْرٍ دِينِيٍّ أَوْ لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ كَغَضَبِ الظَّالِمِ لِحَقِّ غَيْرِهِ مَعَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الِانْتِصَافِ مِنْهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَأَمَّا شَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ فَهِيَ فَرَحُ الْعَدُوِّ بِضُرٍّ نَزَلَ بِعَدُوِّهِ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: شَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ مَا يَنْكَأُ الْقَلْبَ وَتَبْلُغُ بِهِ النَّفْسُ أَشَدَّ مَبْلَغٍ. وَقَدْ قَالَ هَارُونُ لِأَخِيهِ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - {فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ} لَا تُفَرِّحْهُمْ بِمَا تُصِيبُنِي بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>